تظاهرات درعا تحرج النظام السوري في يوم انتخاباته

صورة من مقطع مصور يظهر سوريون قد احتشدوا في درعا ضد نظام الأسد والإنتخابات الرئاسية.

بينما عاشت سوريا – ظاهريًا – مراسم انتخابات رئاسية في 26 مايو/أيار، واحتفى النظام وبعض المناطق بالحدث، شهدت مناطق متفرقة من محافظة درعا جنوب سوريا انتفاضة شعبية ضد ما وصفوه بالتمثيلية الهزلية، تمثلت بمظاهرات واحتجاجات وإضرابات، بينما هاجم مسلحون كيانات داعمة للنظام.

مظاهرات في درعا البلد، ضد الانتخابات الرئاسية السورية.

أجريت الانتخابات كما كان مقرر لها لانتخاب بشار الأسد رئيسا للجمهورية السورية لولاية رابعة تمتد لعام 2028، بعد انتخاباته في 2000، 2007، 2014. ولاكتمال ما اعتبره كثيرون في سوريا، وأوروبا والولايات المتحدة “المشهد المزيف”، وكما كان متوقعًا، فقد أعلن النظام السوري فوز الأسد رئيسًا بنسبة 95.1 في المئة، وبتصويت 10 مليون مواطن.

إلا أنه في درعا، مهد الثورة السورية التي اندلعت في 2011، ورغم خضوعها رسميًا لسيطرة النظام منذ 3 سنوات، كان إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع البالغ عددهم 200 صندوق، ضعيفًا جدًاخرجت في كلٍ من درعا البلد في المدينة، والحراك وناحتة وبصرى الشام وبصر الحرير والجيزة شرق المحافظة، مظاهرات بالمئات، عبر الأهالي من خلالها عن رفضهم للانتخابات، حسب مؤسسة تجمع أحرار حوران المهتمة بنقل أخبار الجنوب السوري، وهتف المتظاهرين بإسقاط النظام كما رفعوا شعارات كان أبرزها “لا مستقبل للسوريين مع القاتل”.

مذهل –أمر غير عادي!
هذه ليست من 2011. هو فيديو من مظاهرة كبيرة اليوم في درعا، بجوار المسجد العمري، حيت يهتف المتظاهرون ضد الأسد ويحلق علم الثورة.

فيما أعلنت عدة قرى شرق المحافظة وغربها منها داعل، نوى، الجيزة، جاسم وغيرها، الإضراب وإغلاق المحال التجارية وقطع الطرق المؤدية بين المناطق والمدينة لعدة أيام، تعبيرًا عن رفضهم لما أسموها “مسرحية الانتخابات”.

مهاجمة مراكز الاقتراع

شهدت عدة مناطق من المحافظة تصعيدًا عسكريًا خلال سريان الانتخابات، نتيجة استهداف مواقع لقوات النظام السوري ومراكز اقتراع، وشخصيات مؤيدة للنظام وداعمة للانتخابات.

قال الناشط الإعلامي من محافظة درعا حسين المحمد أن مجهولون استهدفوا بالقنابل اليدوية مباني البلديات التي يتواجد فيها صناديق الاقتراع في كلًا من صيدا والحارّة ونمر والنعيمة، دون تسجيل وقوع إصابات، بالإضافة لاستهداف منازل أعضاء من حزب البعث في بلدتي صيدا والنعيمة شرق درعا بالأسلحة الرشاشة.

أضاف المحمد في حديثه لجلوبال فويسز، أن نقاط عسكرية أخرى للنظام السوري تعرضت للاستهداف بالأسلحة الرشاشة، مثل حواجز عسكرية في بلدة الكرك الشرقي ونقاط عسكرية تابعة للمخابرات الجوية بين بلدتي غصم – السهوة والمليحة الغربية، كما طالت أخرى حواجز ونقاط عسكرية ودوريات في مدينة نوى والكرك الشرقي والمسيفرة والصنمين ومحجة وخربة غزالة.

كما تعرض مقر الفرقة الحزبية في مدينة داعل بريف درعا إلى هجوم بالأسلحة الرشاشة وقاذف أر بي جي من قبل مجهولين، حيث دارت اشتباكات عنيفة في أحياء المدينة استمرت لساعات، تكبدت قوات النظام نتيجة ذلك خسائر بالأرواح والعتاد. 

ردًا على ذلك الهجوم، فإن قوات النظام السوري فرضت حظر تجوال في داعل منذ ساعات الصباح الأولى من يوم الاقتراع، بحسب مصادر محلية، وأعلنت ذلك عبر مكبرات المساجد، فيما شنت صباح يوم الخميس 27 مايو/أيار حملة دهم وتفتيش واعتقلت عدد من المدنيين لبضع ساعات ثم أفرجت عنهم.

درعا حاضرة دائمًا

لم تكن الاحتجاجات الشعبية في محافظة درعا مرتبطة بالانتخابات على وجه الخصوص، بحسب الصحفي في موقع سوريا على طول وليد النوفل، فإن درعا تشهد احتجاجات بشكل مستمر منذ سيطرة النظام السوري وحلفاؤه في صيف 2018. 

للتذكرة — درعا لا تزال غير مستقرة بشكل مزمن وليست “تحت سيطرة النظام” كما هو المعنى المعتاد. في الأسبوع الماضي وحده، قتل أكثر من 8 من الأفراد ذو صلة بالأسد في هجمات للمعارضة

يقول النوفل خلال حديثه مع جلوبال فويسز: “دائمًا نرى حراك سلمي في درعا يطالب النظام بإطلاق سراح المعتقلين وطرد المليشيات الإيرانية”، مضيفًا أن كل حدث بارز يحدث في سوريا تتفاعل معه مناطق واسعة من درعا بالمظاهرات والاحتجاجات التي لم تتوقف منذ توقيع اتفاق التسوية بين روسيا والمعارضة في تموز من العام 2018، “درعا حاضرة دائمًا” وفقًا لتعبيره. 

من وجهة نظر النوفل، فإن النظام السوري يعتبر عدة مناطق من درعا خارجة عن سيطرته، وتخضع لسيطرة فصائل التسوية ولجان التفاوض، لذلك من المحتمل أن يشن النظام عمليات عسكرية بهدف بسط نفوذه في هذه المناطق وتمكين المليشيات المحلية من أبناء المنطقة التي تعمل معه، والتي سوف تدفع بدورها إلى خلافات عشائرية، بالإضافة لتهجير الرافضين للتسوية باتجاه الشمال السوري كما حدث في قرية أم باطنة في مدينة القنيطرة منتصف مايو.

وفيما يتعلق بتأثير الانتفاضة الشعبية على الانتخابات الرئاسية علق النوفل على ذلك قائلًا:

صوّت بشار الأسد اليوم من مدينة دوما بريف دمشق، التي كانت من أبرز معاقل المعارضة وهي إحدى أكثر المدن التي تعرضت لدمار وخسائر بالأرواح بفعل النظام وروسيا، ليوصل رسالة للسوريين وللعالم أن الحرب انتهت وهو المنتصر، لكن الاحتجاجات الشعبية في درعا والمستمرة منذ أيام أفشلت المسرحية التي حاول بشار الأسد تمريرها.

ورجح النوفل بأن يقوم النظام السوري بردة فعل على الاحتجاجات، على المدى البعيد وذلك من خلال حملات اعتقال قد يقوم بها بحق أصحاب المحال التجارية الذين أعلنوا إضرابًا وأغلقوا متاجرهم تعبيرًا عن رفضهم للانتخابات في المناطق التي يمارس فيها قبضته الأمنية.

رفضت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وأعضاء أخرين في مجلس الأمن الدولي نتيجة الانتخابات الرئاسية السورية مسبقًا، فيما أكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، “جوزيب بوريل” إنه لا يمكن التطبيع مع النظام السوري أو رفع العقوبات عنه أو دعم جهود إعادة الإعمار ما لم يوضع جدول انتقال سياسي وفق قرارات مجلس الأمن الدولي.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.