بقلم بريسيلا ميسيكابا كيا
نُشرت هذه القصة بالأصل على شبكة كاري-بويز البيئية الإخبارية، بدعم من كلايمت تراكر وزمالة صحافة المواطن الكاريبي التابعة لمؤسسة ذا كروبر. أُعيد نشر النسخة المحررة أدناه كجزء من اتفاقية مشاركة المحتوى.
فيما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على وفرة، وأنماط حركة، ومعدلات نفوق الأرصدة السمكية البرية، فضلًا عن الأنواع التي يُمكن تربيتها في أماكن محددة، تتأثر الأسماك ومواطنها بفعل تغيُّر المناخ. كما سيتأثر أولئك الذين يعتمدون على صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية، اجتماعيًا واقتصاديًا، جراء هذه التغيُّرات المناخية. في سورينام، تُشكل قضايا مثل قلة الإبلاغ، والصيد الجائر، والأنشطة غير القانونية، تحدياتٍ على صناعة صيد الأسماك في البلاد، لكن فيما يتعلق بالتغيُّر المناخي، يَصْعُب تحديد التأثير.
يقول زوجيندرا أرجون، نائب مدير إدارة مصائد الأسماك، أنه طرأ تراجع في عدد الأسماك المصطادة عمومًا. وفقًا لخطة إدارة مصائد الأسماك 2021-2025، ارتفعت حصيلة صيد الأسماك بصورة حادة من 8871 إلى 39993 طن بين 2008 و2017، لكنها انخفضت بشدة خلال 2018 و2019 حيث بلغت نحو 24 ألف طن خلال 2019.
قد يكون هذا الانخفاض ناتجًا عن نقص البيانات المتعلقة بكميات الصيد المسجلة للأسطول الحرفيّ. كما يُمكن تفسير ذلك من خلال النظر لقلة التقارير حول حصيلة صيد الأسماك خارج سورينام، لكن يَصْعُب على الإدارة الفرعية لمصائد الأسماك لوزارة الزراعة، وتربية الحيوانات، والصيد تحديد ما إذا كان التأثير ناتج عن التغيُّر المناخي أيضًا. يقول أرجون أنه لم تُجرَّ أي دراسة بهذا الشأن في سورينام.
قال أرجون، “الدراسات مُكلفة وتَلزمُّنا مراكز لإجرائها. تعود البيانات المتعلقة بتكوين أنواع الأسماك قبالة الساحل إلى الثمانينيات”. أضاف، “لم يُجرَّ أي استطلاع منذ ذلك الحين”.
في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2022، خلال ندوة عبر الإنترنت استضافتها منظمة التواصل كينيس كرينغ عن تراخيص الأسماك والصيد، قال بارماناند سويدين ،وزير الزراعة، والثروة الحيوانية، ومصائد الأسماك، أن التغيُّر المناخي كان السبب في تراجع كميات الصيد في مصائد سيبوب للروبيان.
رغم استقرار الصيد نسبيًا خلال الأعوام 15 إلى 20 الماضية، شهد تراجعًا ملحوظًا خلال العامين الماضيين، كل ذلك أثناء تناقص جهود الصيد، لذا من وجهة نظر أرجون، الصيد الجائر أمر غير وارد. يقول أرجون، “انخفضت كميات الصيد بشكلٍ ملحوظ لهذا يتم السعي لتفسير بشأن تغيُّر المناخ”.
يقول أدو كارغ، رئيس جمعية سورينام للأغذية البحرية، أن المنظمة كانت تحاول الضغط لدراسة الكتلة الحيوية منذ بعض الوقت. ستستغرق الدراسة عامين ونصف وستُكلف ما بين 2 و 3 مليون دولار أمريكي. يساهم أعضاء الجمعية بحوالي مليون دولار في رسوم تراخيص الصيد للدولة كل عام، وهم يطالبون باستخدام هذه الموارد لدراسة الآثار المترتبة عن ارتفاع درجات حرارة البحر على الصيد.
وفقًا لكارغ، يعزى جزء كبير من انخفاض حصيلة صيد الأسماك الآن إلى أنشطة الصيد غير الشرعية من غويانا. ثمة المزيد من الجدل الدائر حول المسألة حيث تحدثت الحكومة السورينامية عن إمكانية تنفيذ اتفاقية الصيد البحري مع غويانا، الاتفاقية التي لا يؤيدها كارغ.
أكثر ما يُقلق الجمعية حقيقة أن كل شيء سينتهي في نهاية المطاف. يقول كارغ أن سورينام تبذل ما بوسعها لجعل الصيد مورد أكثر موثوقية. يقول كارغ أن معظم الصيادين السوريناميون ملتزمين بالكثير من القواعد القائمة، لكن ثمة بعض القواعد التي لم تؤخذ على محمل الجد. يوضح، “بما أننا نتساهل في التعامل مع تلك الانتهاكات، هناك مخاوف كبيرة بشأن استمراريتها”.
أكاش سيتال هو صياد من الجيل الثاني ورث مسؤولية العمل عن والديه. يعمل سيتال في مصائد سورينام الساحلية حيث تُصْطادْ الأسماك —منها البانغ بانغ (Cynoscion acoupa)، والكاندراتيكي (Cynoscion virenscens)، والكيبيلا (Arius proops)، والطربون — بمراكب مكشوفة. يقول سيتال أنه يتعامل مع آثار تغيُّر المناخ يوميًا.
يوضح سيتال، “بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، شهدنا تضرر مناطق تكاثر الأسماك. لذلك تنتقل الأسماك بحثًا عن مناطق أخرى للتكاثر”. على سبيل المقارنة، ذكر سيتال أنه خلال الثمانينيات كانت المراكب بطول 12 متر وذات محركات صغيرة أما الآن لابد من شراء مراكب أكبر حجمًا، نظرًا لاضطراب المياه أكثر مما مضى، لضمان سلامة العاملين.
يقول سيتال أنه منذ الثمانينيات وحتى مطلع الألفية، كانت المراكب تقضي حوالي 6-8 أيام في البحر لصيد 100-200 سمكة من أسماك البانغ بانغ وبعض الكاندرا، والكيبيلا، والطربون كصيد عرضي. أما الآن، تقضي المراكب 15-21 يوم في البحر، لتعود أحيانًا بنتائج مُخيبة للآمال: “نتحدث هنا عن تكلفة تقدر بحوالي 60 إلى 70 ألف دولار سورينامي (1876 إلى 2188 دولار أمريكي) والتي لا يُمكن تغطيتها”.
خلال دورة كينيس كرينغ في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أشار الوزير سويدين إلى وجود علامات على ممارسة الصيد الجائر داخل مصائد سورينام الساحلية. سيتال على علم بهذا أيضًا، “عندما بدأ والدي مصائد سورينام الساحلية كان لدينا أسطول كبير من المراكب، لكن الآن تقلص الأسطول لأكثر من النصف. اضطررنا للبحث عن مصادر دخل أخرى. العيش على الصيد شاق. كان هذا ممكنًا آنذاك أم الأن إنه أقرب لهواية. ما من خيار للتوسع من أعمال الصيد”.
يريد سيتال من الحكومة أن تدعم القطاع: “لا نتلقَّ أي رسوم استيراد حيث ندفع سعر التجزئة الصعب — 99.9% من رواد الأعمال في صناعة صيد الأسماك غارقون في الديون”.
يُعد قطاع الصيد البحري ذو أهمية اجتماعية واقتصادية بالغة لسورينام، لكن يرى أرجون أن خطة إدارة مصائد الأسماك مجرد إجراء احترازي بعد أن لوحظ تراجع كميات الصيد. كما يتوقع أن يتعرض السكان المحليين للضغوط نتيجة انخفاض الدخل، وأن المشكلة الأعظم هي إن اضطر الناس لترك القطاع لعدم كفاية الدخل: “ما الذي سيفعلونه؟ أين سيجدون فرص عمل؟”.
حاليًا تبحث الوزارة عن بدائل وتحاول إقناع الصيادين بالانتقال لتربية الأحياء المائية من خلال التدريب والقوانين، لكن يعتقد أرجون أن جعل الأشخاص المعتادين على الخروج للبحر يشاهدون الأسماك تنمو الآن سيكون بمثابة تحدٍ: “تكمن مشكلة تربية الأحياء المائية في جزئية التغذية. تغذيتهم مُكلفة. في مناطق معينة، تتم الزراعة على نطاقٍ واسعٍ جدًا، ما يؤدي لتقليل التكلفة. نحن أشخاص بسطاء وليس بوسعنا تحقيق وفورات الحجم هذه”.
مع ذلك، لا شك في أن تربية الأحياء المائية خيارٌ متاح أمام جمعية سورينام للأغذية البحرية. يعمل بعض أعضاءها في تربية الأحياء المائية بالفعل، لكن تُعد مزاولتها على نطاقٍ واسع للتصدير استثمارًا باهظًا. على سبيل المثال، تتطلب تربية الروبيان استثمار يتراوح بين 20 و30 مليون دولار، لهذا يؤدي التعليم وإمكانية الوصول لرأس المال دورًا رئيسيًا في نجاح الانتقال. يقول كارغ، “لا يمكنك قصد أي بنك في سورينام لاقتراض هذه المبالغ المالية الطائلة. بالتالي لا يُمكن مزاولة تربية الأحياء المائية على المستوى التجاري أيضًا”.
يعتقد سيتال أن التربية قد تكون خيارًا للصيادين السوريناميين نظرًا لتوفيرها الأمان لهم: “عند ذهاب مركب للبحر، لا تعلم ما الذي سيعود به. مع تربية الأحياء المائية، ستعلم ما يتعين فعله لتحسين الجودة. السؤال هنا، لأي مدى الحكومة مُهيئة للاستثمار في هذا وتدريب رواد الأعمال وإتاحة الفرص لهم للقيام بذلك”.