تركمانستان غير آمنة للنساء

نساء تركمانيات بملابس تقليدية. تصوير فيني ماركوفسكي على فليكر. CC-BY-2.0.

تعدّ تركمانستان البلد الأكثر أمانًا للنساء في أسيا الوسطى بحسب مؤشر النساء، السلام والأمن المنشور حديثًا من قبل معهد جورج تاون للنساء، السلام والأمن ومركز بريو النرويجيّ للشؤون الجنسانية، السلام والأمن. على الرغم من اعتماد النتائج على بيانات من مصادرة دولية حسنة السمعة، إلا أن هذا الاستنتاج يتعارض بشكل واضح مع الصورة المرسومة من قبل تقارير وسائل إعلام مستقلة، مجموعات حقوق الإنسان، واكتشافات خبراء دوليين.

على سبيل المثال، بحسب نتائج دراسة، تعرضت امرأة من ست نساء في تركمانستان للعنف الأسري خلال حياتها  — وتعرضت أكثر من 40% لدرجات مختلفة من الرقابة الاجتماعية. تؤمن 95% من النساء في تركمانستان بحق الرجل في ضرب زوجته.

بالإضافة إلى العنف الأسري، تواجه النساء في تركمانستان تصرفات ذكورية مروّج لها من قبل الدولة، تمييزًا قائمًا على الجنس، وقيودًا واسعة النطاق على حقوقهم الأساسية. ازداد الوضع سوءاً وأصبح أبعد ما يكون عن التحسن بالنسبة للنساء في تركمانستان منذ تولّي الرئيس سيردار بيرديمخمدوف منصبه السنة الفائتة.

النساء، السلام والأمن في بلد الطغاة

تركمانستان بلد في أسيا الوسطى ذو تعداد سكاني يبلغ حوالي ستة ملايين نسمة. البلد غير معروف نسبيًا لمعظم الناس باعتباره من البلدان الأكثر عزلةً في العالم. نالت البلاد الاستقلال عن الاتحاد السوفيتيّ في عام 1991 وحكمها ثلاثة طغاة مختلفين مُحاطين بمُقدّسين كُثر منذ 1لك الوقت. كان آخر رئيسين، الأب وابنه، سلّم غوربانغولي بيرديمخمدوف الرئاسة لابنه سيردار بيرديمخمدوف في عام 2022 بعد حكم البلاد منذ 2006.

سجّل وصنّف مؤشر النساء، السلام والأمن 177 بلدًا حول العالم، من حيث إدماج المرأة، عدالتها وأمنها، بقياس الأداء في 13 منطقة واستخدام بيانات من وكالات الأمم المتحدة، البنك الدولي، استطلاع غالوب العالمي ومصادر أخرى. صُنفّت تركمانستان في المرتبة 58، كازخستان في المرتبة 70، طاجيكستان في المرتبة 90، أوزباكستان في المرتبة 94، وقيرغزستان في المرتبة 95.

وفقًا لمؤشر النساء، السلام والأمن، تركمانستان هي أسوأ بلد في أسيا الوسطى وشرق أوروبا من حيث سبل وصول النساء للعدالة. كان أداء تركمانستان الأسوأ أيضًا في مجموعتها فيما يخص الإدماج المالي للنساء لكنها حققت نتائج أفضل في مجالات أخرى: احتلت المرتبة الأعلى في مجموعتها من حيث تصوّر المرأة للأمان الاجتماعي من خلال قياس نسبة النساء اللواتي صرّحن بشعورهن بالأمان أثناء المشي بمفردهن ليلًا في المنطقة التي يعيشن فيها. بالنسبة لعنف الشريك المقرّب، قيست نسبة النساء اللاتي تعرضن لعنف جسدي أو جنسي مؤخرًا من قبل شركائهنّ وصُنّفت تركمانستان كثاني أسوأ بلد في أسيا الوسطى بمعدل 7.2% مقارنةً بمعدل كازاخستان 6%.

انتهاكات حقوق النساء

بينما احتلت تركمانستان أعلى مرتبة من حيث النساء، السلام والأمن بين بلدان أسيا الوسطى، ما زال الوضع غامضًا للنساء فيها. كما وثّقت الشراكة العالمية لحقوق الإنسان (IPHR) والمبادرة التركمانية لحقوق الإنسان (TIHR) في تقرير حديث، فشلت السلطات التركمانية في مواجهة القوالب النمطية القائمة على تمييز الجنسين والممارسات السلبية، وروّجت لها بشدّة. تبددت الآمال بالتحسينات بعد نقل السلطات الرئاسية من الأب مع إطلاق حملة جديدة لمراقبة مظهر النساء باسم حماية القيم والتقاليد الوطنية.

مثلًا، بحسب المعلومات التي حصلت عليها المبادرة التركمانية لحقوق الإنسان (TIHR) ومصادر مستقلة أخرى، طُلب من النساء العاملات في وكالات البلاد والطالبات ارتداء فساتين ذات طراز وطني وألا يضعن الكثير من مساحيق التجميل أو يصبغن شعرهنّ أو يستخدمن خدمات التجميل، تحت التهديد بعواقب. وردت أنباء أيضًا عن اعتقالات عشوائية لنساء مُتهمات باستخدام خدمات التجميل وحتى عن مداهمات الشرطة لصالونات التجميل.

تواجه النساء أيضًا تمييزًا قائمًا على الجنس في الحصول على خدمات الدولة، وعقبات جسيمة في الحصول على رخص قيادة أو تجديدها. سُلّط الضوء على بعض هذ المخاوف المعينة في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما قُيّم سجل تركمانستان لحقوق الإنسان أثناء المراجعة الدورية الدولية (UPR) في جنيف. المراجعة الدورية الدولية عبارة عن عملية مراجعة الأقران الحكومية مُنظّمة من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. خلال المراجعة، حصلت تركمانستان على مجموعة من التوصيات بشأن تحسين حقوق النساء.

في ذات الوقت، أثرت الأزمة الاقتصادية المتواصلة في البلاد على النساء في مختلف أنحائها بشدة، مما يعني أن عليهم الانتظار لساعات في الطوابير للحصول على منتجات غذائية مُقننة. أدى ذلك إلى مظاهرات عشوائية بين الحين والآخر سرعان ما قمعتها السلطات. القوى العاملة في القطاع العام في تركمانستان هي في الغالب من الإناث، لذلك تتأثر النساء بشكل متفاوت بممارسات الدولة القمعية تجاه موظفي القطاع العام كالتعبئة القسرية من أجل محصول القطن السنوي أو أحداث الدعاية الشاملة المنظمة من قبل الدولة.

شيوع العنف الأسري

وفقًا للدراسة الوطنية الأولى من نوعها للعنف الأسري في عام 2020، تعرضت واحدة من كل ست نساء للعنف من قبل شركائهنّ الحالين أو السابقين. أجريت الدراسة من قبل السلطات التركمانستانية وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA). تبين أن أسوأ أعمال العنف كانت في ليباب (شمال شرق البلاد) ومناطق داشغوز (في الشمال). رَوت أكثر من 13% من النساء تعرضهنّ للعنف الاقتصادي من قبل شركائهنّ والذي تضمّن قيودًا على حصولهنّ على المال.

أظهرت الدراسة أنّ سلوك السيطرة المتبع من الأزواج، أوالشركاء، في معاملتهم للنساء مشكلةٌ منتشرة. أفادت أكثر من 40% من النساء أنهنّ يتعرضن لشكل من أشكال الرقابة الاجتماعية. أفادت 22% من النساء أنهنّ يواجهن قيودًا متعلقة بالوقت الذي يمكنهم مغادرة المنزل، وصرّحت حوالي 21% من النساء أنه لا يسمح لهنّ بالعمل أو الدراسة خارج منازلهنّ. أظهرت الدراسة أن سلوك السيطرة هذا يترافق مع عنفٍ أسريّ، إذ قال واحد من كلّ خمسة مشاركين تقريبًا أنه يعتقد أنه من المبرر للأزواج ضرب زوجاتهنّ في حال مغادرتهنّ المنزل دون إذنهم.

علاوةً على ذلك، يشكّل عدم الإبلاغ عن العنف الأسريّ مشكلةَ خطيرةً عندما لا تبلّغ النساء الناجيات منه عن إساءة معاملتهن كي لا “يلوثن سمعة عائلتهن”. لجأت أقل من 12% من النساء الناجيات من العنف الأسري اللواتي تمت مقابلتهن للشرطة أو مؤسسات أخرى للمساعدة، مع الإشارة إلى هكذا مخاوف وضغط مجتمعي كأسباب رئيسية لالتزام الصمت. من المتوقع ألا تبلغ النساء عن إساءة معاملتهن مما يعني أن العنف الأسري أكثر انتشارًا مما تظهره الدراسة.

في كانون الثاني/يناير، وشباط/فبراير عام 2024، ستراجع لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز (CEDAW) سجل حقوق النساء في تركمانستان. في قائمة الأسئلة الموجهة إلى السلطات قبل هذه المراجعة، طلبت اللجنة منهم توضيح “فرض قواعد اللباس والمظهر والإجراءات التمييزية الأخرى” في جو “تفرضه المراقبة الفعالة والتحكم بسلوك النساء.” سيستفسرون أيضًا عن الإجراءات المتبعة “للقضاء على المواقف الذكورية التي هي أساس العنف القائم على الجنس تجاه النساء” وتجريم العنف الأسري، وهي تدبير لم تتخذه البلاد بعد.

بالنسبة لكون تركمانستان بلد آمن للنساء أثناء مشيهنّ بمفردهنّ ليلًا — تجدر الإشارة إلى أنها محاطة، في مؤشر النساء، السلام والامن، ببلدان كالإمارات العربية المتحدة والصين التي تملك نظام أمن دولة مماثل في اتساع نطاقه.

بينما من الممكن للمراقبة المكثفة أن تساعد النساء على الشعور بأمان أكثر في شوارع تركمانستان، يُستخدم النظام ذاته أيضًا لقمع حقوق النساء لدرجة أن يعشن “بدون حقوق” تقريبًا كما يقول مستخدم اليوتيوب إيليا فارلاموف.

إليكم فيديو على يوتيوب يبين انتهاكات حقوق النساء في تركمانستان.

بينما تستمر انتهاكات الحقوق والخطط الذكورية الحالية، ما من مجال لمناقشة فيما إذا كانت تركمانستان آمنة للنساء بصورة جدية.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.