أحدث المجتمع المدني في تركيا ضجة كبيرة حول المسلسل التلفزيوني الجديد” التحول”، الذي عرضته هيئة الإذاعة العامة الوطنية للمرة الأولى على منصتها للبث في 7 مايو/أيار 2023. وفقًا للمؤلفين، يروي مسلسل “التحول” قصة تيومان بيرملي، الناشط السابق المتحول لرجل أعمال لا يرحم، بعد توليه أعمال عائلته وتورطه في تعاملات غير قانونية، ومؤامرات. يثير المسلسل الجدل لأنه يشير إلى رجل الأعمال المعروف عثمان كافالا، المسجون ظلمًا منذ عام 2017، ويقضي حكمًا مؤبدًا في السجن.
أوجه التشابه مع عثمان كافالا
يلعب الممثل جان نرجس دور بيرملي، حيث يشبه كافالا بشكل كبير. تعكس حبكة المسلسل حياة كافالا، لكنها مليئة بالروايات الكاذبة – نفس الروايات التي تستخدمها الحكومة لتوجيه الاتهام وسجن كافالا.
“It is a demonized version of the flesh-and-blood philanthropist and businessman, who is serving a life sentence due to trumped-up espionage charges and attempts to overthrow the government,” wrote journalist Nazlan Ertan.
كتب الصحفي نزلان إرتان: “إنها نسخة شيطانية عن فاعل خير ورجل أعمال من لحم ودم، يقضي عقوبة مدى الحياة في السجن بسبب تهم التجسس الملفقة، ومحاولات الإطاحة بالحكومة”.
لم يتم ذكر في المسلسل كونه مبني على شخصيات خيالية. خضع للكثير من التدقيق من قبل النقاد، الذين وصفوا العرض بأنه “تشهير بشع لكافالا” بالإضافة للمؤيدين والدعاة الذين يدعون لإطلاق سراح كافالا منذ وضعه خلف القضبان. قالت زوجة كافالا، عائشة بوغرا، إن المسلسل كان “جزءًا من حملة التشهير” التي تستهدف زوجها.
في بيان أرسله عثمان كافالا من السجن، أعرب فيه عن دهشته وحزنه من المسلسل:
#OsmanKavala‘s statement about the series broadcast on TRT's digital platform 👇https://t.co/uhIjglCQr0 pic.twitter.com/y55vhnuQpn
— Kavala'ya Özgürlük (@FreeOsmanKavala) June 20, 2023
تحدث نرجس باعتزاز عن المسلسل خلال مقابلة على قناة TV100 على يوتيوب. “هي قصة تجسس دولية، عن رجل ثوري يتحول لرأسمالي. هناك حب، والكثير من الأحداث. اعتقدت حقا أن العرض يستهدف جمهور عالمي، لهذا السبب قررت أن أصبح جزءًا منه”.
لم تؤد هذه الكلمات لتخفيف الأمر، فقد تعرض نرجس لانتقادات لاذعة على تويتر، كونه جزء من حملة “اغتيال الشخصية” ضد كافالا. كتب الصحفي المخضرم روسين كاكير على تويتر أن الممثل “لا يبدو منزعجًا” من استهداف الشخصية الحقيقية لكافالا. كتب المحاضر كارابكر أكويونلو:
Bu dizide emeği geçen herkes, siyasi bir kin güdüsüyle ipe sapa gelmez suçlamalar üzerinden hapiste çürütülen masum bir insanın alçakça şeytanlaştırılmasında pay sahibidir. Kimse ekmek parası filan demesin.
Simit sat onurlu yaşa Can Nergis! https://t.co/VF4pYOCelo
— Karabekir Akkoyunlu (@ulu_manitu) June 20, 2023
كل من يشارك، في هذا المسلسل، له مصلحة في الشيطنة الغادرة لشخص بريء يقبع في السجن بتهم ملفقة، بدافع ضغينة سياسية.
بع الخبز، وعش بكرامتك يا نرجس
أعرب آخرون عن خيبة أملهم من وجود الممثل نرجس على TV100 في المقام الأول.
لم تصدر منصة البث المباشر لهيئة الإعلام التركية جميع حلقات المسلسل بعد. قال الممثل نرجس في مقابلته على قناة TV100، إن الطاقم انتهى من تصوير عشر حلقات، وسيبدأ تصوير الموسم الثاني في الخريف. وفقًا لنرجس، كان من المخطط أن يستمر العرض ثلاثة مواسم.
حرب “حزب العدالة والتنمية” على الفنون والثقافة
خلال حفل توزيع الجوائز الرئاسية الكبرى السنوي للثقافة والفنون في ديسمبر/كانون الأول 2021، خاطب الرئيس رجب طيب أردوغان الحشد قائلًا: “كلما كنت أقوى في الثقافة والفنون، زادت قدرتك على توجيه وإدارة بيئتك. هذه حقيقة أن أقوى أسلحة أولئك الذين يديرون النظام العالمي اليوم، هي أدوات الثقافة”. في السنوات التي تلت صعوده إلى السلطة، سيطر حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان ببطء على جزء كبير من المشهد الفني والثقافي في البلاد.
واجه عشرات الفنانين، والمغنين، وكتاب الأغاني، والكوميديين المعروفين الترهيب والقمع والرقابة والتهديدات بسبب عملهم. ومن المعروف أن هذه الجماعات تستخدم عملها للحديث عن المظالم والسياسة على الصعيد الوطني، بالتالي ينظر إليها كتهديد للحزب الحاكم. حتى فرق المسرح والفكاهة والسخرية واجهت ضغوطًا كبيرة من القيادة الحاكمة. توجد أيضًا الكثير من الأمثلة على محاولة الحكومة الحاكمة منع المسلسلات التلفزيونية والبرامج والموسيقى الأجنبية. غالبًا ما تكون المبررات فضفاضة، مع اتهامات بأن المواد تروج للدعاية الإرهابية، أو تشجع على تعاطي المخدرات، أو تهين الرئيس، أو تسيء إلى القيم الأسرية المحلية، أو حتى تقدم معلومات ثقافية مضللة.
لكن الأمر لم يكن دائمًا هكذا.
في تأملاته حول السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، كتب الأكاديمي إمري تانسو كيتن أنه عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002، كان لديه تركيز كبير على الفنون والثقافة، وافتتحت العديد من المؤسسات الفنية المهمة بين عامي 2002 و2011.
“The harmonization process with the European Union and the encouragement of the private sector to invest in the field of culture and arts brought about the harmonization of the cultural field with the neoliberal economic program and the AKP's support of this process by abandoning its own cultural agenda — for a while,” wrote Keten.
كتب كيتن: “أدت عملية التنسيق مع الاتحاد الأوروبي وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الثقافة والفنون إلى مواءمة المجال الثقافي مع البرنامج الاقتصادي الحر، ودعم حزب العدالة والتنمية لهذه العملية بالتخلي عن أجندته الثقافية الخاصة – لفترة من الوقت”.
لكن التغييرات داخل نسيج القيادة السياسية – خاصة في أعقاب احتجاجات حديقة جيزي – غيرت وجهة نظر الحزب الحاكم للاتجاهات الفنية والثقافية في البلاد، “الحكومة التي رأت المجال الثقافي كأداة اقتصادية ودبلوماسية طوال عام 2000، بدأت في استخدام الثقافة كأداة سياسية بعد عام 2010، خاصة بعد انتفاضة جيزي، بسبب سياسة الاستقطاب الثقافي القائمة على الهوية التي التزمت بها”.
ليس من المستغرب أن تشمل الحلقة الأولى من “التحول” أيضًا على مشاهد تقارب احتجاجات جيزي. كان ذلك في 28 مايو/أيار 2013، عندما قررت مجموعة من دعاة حماية البيئة الطعن في قرار هدم واحدة من المساحات الخضراء القليلة المتبقية في اسطنبول، حديقة جيزي. تجمعوا ونصبوا خيامًا في الحديقة، وسرعان ما قوبلوا بالغاز المسيل للدموع في استعراض لقوة الشرطة المنتقد على نطاق واسع.
في الأسابيع والأشهر التالية، انضم الطلاب والأكاديميون ودعاة المجتمع المدني والمواطنون العاديون إلى الاحتجاجات السلمية. ربما كانت حركة جيزي أكبر عمل للعصيان المدني في التاريخ التركي، وهي إهانة غير مسبوقة لحكومة حزب العدالة والتنمية المحافظة.
استخدمت هذه الاحتجاجات أيضًا في لائحة الاتهام ضد عثمان كافالا، الذي اتُهم “بمحاولة الإطاحة بالنظام الدستوري” و”محاولة الإطاحة بالحكومة”، بسبب تمويله المزعوم لاحتجاجات جيزي عام 2013.
“Kavala's arrest was a package. That package included regressing the civil society, revenge over Gezi, and the narrowing of cultural spaces. Now, they are trying to fill that narrowed cultural space with propaganda series,” wrote journalist Candan Yildiz in her column.
كتبت الصحفية كاندان يلدز في عمودها الصحفي: “كان اعتقال كافالا بمثابة مجموعة إجراءات. وشملت تلك الحزمة تراجع المجتمع المدني، والانتقام من جيزي، وتضييق المساحات الثقافية. الآن، يحاولون ملء تلك المساحة الثقافية الضيقة بمسلسل دعائي”.