تم نشر هذه المقالة لأول مرة من قبل التحالف من أجل الحقوق الرقمية العالمية (AUDRi)، في ١٦ سبتمبر/آيلول ٢٠٢٣، بقلم إيما جيبسون، المنسقة العالمية للمنظمة. تم إعادة نشر نسخة معدلة هنا بعد الموافقة
يصادف ١٦ سبتمبر/أيلول ٢٠٢٣ مرور عام على وفاة مهسا أميني، 22 عامًا بعد اعتقالها من شرطة “الأخلاق” التابعة للحكومة الإيرانية. في الأسبوع الذي يسبق الذكرى السنوية، قدمت منظمات حقوق الإنسان Equality Now وfemena ومركز أنصار حقوق الإنسان (CSHR)، بيان مشترك إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أعربت فيها عن “قلقها الشديد بشأن حالة النساء والفتيات في إيران، فيما يتعلق بما يحدث لهم من تشويه للأعضاء التناسلية، وزواج الأطفال، وقوانين الأحوال الشخصية التي تميز بين الجنسين في البلد”.
في السنوات الأخيرة، تصدرت العناوين في الصحف إيران الدولية الاحتجاجات ضد الحجاب الإلزامي أو ما يسمى “الشرطة الأخلاقية”. لا يمكن المبالغة بشجاعة المرأة، التي غالبًا ما تقود المهمة. مع ذلك، غالبًا ما تقابل هذه الاحتجاجات بعواقب وخيمة، مدفوعة بشكل متزايد بجهاز المراقبة الرقمية المتطور التابع للحكومة.
يتضمن مشروع قانون الحجاب الجديد، المثير للجدل، ٧٠ مادة تنص على عقوبات أشد على النساء، فضلاً عن عقوبات الصارمة ضد الشخصيات العامة، والشركات، ومزودي الخدمات الداعمين لهن. يقترح مشروع القانون استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) لفرض انتهاكات قواعد اللباس، مما يعكس مظهرًا مزعجًا للاضطهاد القائم على نوع الجنس.
في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، تستخدم الحكومة الإيرانية سيف ذو حدين: نفس التقنية القادرة على رفع أصواتهن، تعمل على تكميم أفواههن، خاصة عندما تدعو تلك الأصوات للمساواة بين الجنسين. باستخدام برامج متقدمة، للتعرف على الوجه، وتتبع التفاعلات عبر الإنترنت، تقوم الحكومة بتحديد ومضايقة ممن يجرؤون على المعارضة.
تُستخدم هذه القوة التكنولوجية على النساء بشكل غير مناسب، اللاتي يُنظر إلى مطالبتهن بالمساواة في الحقوق على أنها تهديدات مباشرة للأساس الأيديولوجي للدولة.
لا يتعلق الأمر فقط بالكاميرات الموجودة في زوايا الشوارع أو الطائرات دون طيار في السماء. يكمن الكابوس الأورويلي الحقيقي في ظلال الإنترنت. تخضع المنصات الشعبية للرقابة، ويتم حظر تطبيقات المراسلة المشفرة، التي يعتمد عليها المتظاهرون في كثير من الأحيان لتنظيم أنفسهم. يواجه المدونون وأصحاب النفوذ، حتى المواطنون العاديون، الترهيب والاعتقال، أو أسوأ من ذلك، لمجرد التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت.
لعل الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تزايد تطفل الدولة على الأماكن الخاصة: السيارات والمسارات الخاصة بالمواطنين.
الدليل المخيف على ذلك، هو حقيقة تلقي ما يقرب من مليون امرأة، في غضون ثلاثة أشهر فقط، تحذيرات عبر الرسائل النصية من الشرطة في البلاد. جريمتهن؟ تصويرهن بواسطة الكاميرات المراقبة دون حجاب، كما هو مفصل في تقرير مروع صادر عن منظمة العفو الدولية.
بحسب التقرير، أصدرت الشرطة “١٣٣١٧٤ رسالة نصية قصيرة، تطلب إيقاف المركبات لمدة محددة، وصادرت ٢٠٠٠ سيارة، وأحالت أكثر من ٤٠٠٠ من “مرتكبي الجرائم المتكررة” إلى القضاء حول البلاد”.
من إيران إلى العالم: دعوة دولية للعمل
الحقوق الرقمية هي، في جوهرها، حقوق الإنسان. إن المجتمع الذي لا يستطيع فيه المواطنين التواصل بحرية وبشكل خاص وآمن فهو مجتمع تتعرض فيه الحريات الأساسية للانتهاك.
الحقوق الرقمية مع الحق في الاحتجاجات السلمية بطرق متعددة. يمكن لأدوات الاتصال المشفرة أن توفر للناشطين والمتظاهرين وسيلة للتواصل دون خوف من اعتراض الحكومة أو انتقامها. عندما تخضع وسائل الإعلام الرئيسية للرقابة أو التكميم، يمكن أن تسمح منصات وسائل التواصل الاجتماعي بالنشر السريع للمعلومات، وحشد المؤيدين لقضية ما. علاوة على ذلك، يقدم العالم الرقمي مكتبة موسعة من الموارد حول تكتيكات الاحتجاج السلمي، والوعي بالحقوق، وجهود التضامن الدولي.
إيران ليست البلد الوحيد التي تقيد الحريات الرقمية، بينما تستخدم أيضًا التقنية لقمع المعارضة، أو مراقبتها. مثلما حدث في الهند، على سبيل المثال، استخدمت الشرطة تطبيقًا يسمح لها بالوصول إلى لقطات كاميرات المراقبة الخاصة.
في الصين، تم استخدام المراقبة الجماعية لجمع المعلومات حول تحركات وأنشطة الأفراد في شكل من أشكال “الشرطة التنبؤية“. في جميع هذه الأمثلة، هناك أدلة على استهداف المراقبة، وانتهاك حقوق الخصوصية بشكل غير متناسب للأفراد والجماعات، التي تجعل هويتهم عرضة للخطر، مثل النساء أو الأقليات، أو الذين تتحدى أنشطتهم السياسية الوضع الراهن.
هنا يكمن التحدي: بينما تصبح مثل هذه الحكومات أكثر مهارة في قمع المعارضة عبر الإنترنت، كيف يمكن للناشطين سباقهم بخطوة؟
كما يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا حاسمًا. يجب الضغط على شركات التقنية لحماية بيانات المستخدم، وإعطاء الأولوية للتشفير الشامل. كما ينبغي استشارة منظمات الحقوق الرقمية والمجتمع المدني، بشأن التهديدات التي تشكلها المراقبة والرقابة الرقمية برعاية الدولة، والآثار المترتبة على التقنية المنتجة.
الأهم من ذلك، يجب على المجتمع الدولي تسليط الضوء باستمرار على الانتهاكات، وفهم الحكومات أن العالم يراقبها. سيضمن تنظيم القضاء الرقمي، وفقًا لمبادئ حقوق الإنسان، ألا يصبح بيئة جديدة تتعرض فيها النساء الإيرانيات، أو أي شخص آخر، للإساءة والأذى.
رغم أن تكتيكات الحكومة الإيرانية ترمز إلى قضية عالمية أكثر أهمية، يتعين على العالم أن يتذكر ويرفع من شأن الشجاعة الفريدة التي تتمتع بها النساء الإيرانيات، اللاتي يقفن شامخات حتى عندما تلوح الظلال في الأفق. بالنسبة إلى مهسا أميني، وعدد لا يحصى من الأشخاص مثلها، يجب علينا أن نستمر في كفاحنا المشترك من أجل الحقوق الرقمية وحقوق الإنسان. شجاعتهم لا تستحق أقل من ذلك.