كثيرًا ما يتحدث المجتمع الدولي عن أنّ همّه الأول والأخير في حل القضية السورية هو محاربة الإرهاب، لدرجة أنه نسي كل هموم ومطالب الشعب السوري وأصبحت قرارات مجلس الأمن وشروط الدول للتحرك تصب كلها في خانة مكافحة الإرهاب، وليس أي إرهاب، فالكل ينظر لإرهاب الجماعات المتطرفة دون النظر لما يقوم به النظام الذي يمارس إرهاب الدولة وإرهاب الجماعات التي تعمل معه، كحزب الله والحرس الثوري الإيراني، التي لم تدّخر وسيلة قمع وترهيب إلاّ وقامت بها، من تهجير وقتل واعتقال بحق الشعب السوري المنتفض على هذا النظام.
أعلن التحالف الدولي، الذي تشترك فيه بعض الدول العربية، منذ ستة أشهر أن مهمّته ستكون القضاء على الإرهاب في سوريا لنراه لاحقًا يستهدف تنظيم داعش وجبهة النصرة وبعض الكتائب الإسلامية دون أي استهداف لمراكز النظام، ودون أي تأثير على تنظيم داعش الإرهابي الذي بات منتشرًا أكثر من ذي قبل، فلا زال يبسط سيطرته على عاصمته المزعومة في مدينة الرقة وسيطر كذلك على مدينة تدمر شرق مدينة حمص ويخوض معارك شرق حلب لتزداد رقعة سيطرته ويتنقل بين سوريا والعراق عبر آلاف الكيلومترات تحت مرأى كلً من طائرات النظام والتحالف.
أمّا على الأرض فلا نشاهد جبهات مشتعلة من طرف النظام في محاربة تنظيم داعش، وإنما جبهات هامدة بين الطرفين وغالبًا ما يتخلى عنها النظام بسهولة ودون اشتباكات تاركًا خلفه صناديق الذخيرة والسلاح ليستولي عليها التنظيم وينقلها إلى جبهاته الأخرى التي تبقى مشتعلة مع ثوار الجيش الحر.
تشكّلت نواة الجيش السوري الحر بعد سنة من بدء الثورة ضمّت العسكريين المنشقين عن قوات النظام، الذين رفضوا إطلاق الرصاص على الشعب الأعزل، توسع لاحقًا ليضم إليه شباب من مختلف طبقات المجتمع من أطباء ومهندسين وعمال ذاقوا الويلات على يد النظام فحملوا السلاح ليدافعوا عن أرضهم وعائلاتهم.
ازدادت أعداد الجيش الحر وازداد تسليحه وخبراته القتالية حتى أصبح يضاهي الجيش النظامي بالخطط العسكرية والمعارك التي سيطر فيها على عدّة مدن لينتقل من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم. لكن أصبح جليًا أنه في كل معركة يتقدم فيها الجيش الحر يقوم تنظيم داعش بضربه وإضعافه كحلقة تعاون غير معلن بين تنظيم داعش والنظام.
دارت معارك في سهل الغاب بريف حماة بين الجيش الحر والنظامي خلال شهر آب/أغسطس، استطاع فيها الجيش الحر التقدم لعشرات الكيلومترات حتى وصل للساحل السوري، مسقط رأس بشار الأسد والخزان البشري الرئيسي لقواته، لتقوم داعش بنفس الوقت بالهجوم على ريف حلب الشرقي والاشتباك مع الجيش الحر في منطقة أم حوش ليسقط خلال يومين أكثر من مئة قتيل للجيش الحر من الفرقة 101 مشاة ولواء فرسان الحق وغيرها من الفرق في محاولة من تنظيم داعش لإضعافهم وانتزاع السيطرة على الأراضي السورية دون أي رد من طيران التحالف الدولي الذي ساند القوات الكردية في معاركها مع التنظيم في مدينة عين العرب/كوباني.
تُعتبر الفرقة 101 من أبرز الفرق التي ترفع علم الثورة والقريبة من هموم الشعب السوري. تأسست منذ بداية تشكيل الجيش السوري الحر في السنة الثانية للثورة بقيادة العقيد الطيار حسن مرعي الحمادة الذي انشقّ عن النظام بطائرته ولجأ للأردن ليكون الضابط الوحيد الذي تمكّن من أن يقوم بهذه العملية في 21 حزيران/يونيو 2012.
وقد أعلنت الفرقة 101 مشاة عن فتح باب التطوع أمام الشباب الراغبين بالانخراط في صفوفها للقتال، ليتم تدريب الشباب والعمل ضمن كوادرها وصفوفها وفق مبادئ الثورة ولتحقيق مطالب الشعب السوري بالخلاص من نظام الأسد. يقول نائب قائد الفرقة العقيد مأمون العمر لكاتب هذا المقال أن هذه الخطوة تأتي من باب استقطاب الشباب الثائر والراغب بالانخراط بالعمل العسكري فيتم تدريبه وتثقيفه ليكون مقاتل في صفوف الجيش السوري الحر بدلًا من أن يذهب للكتائب المتطرفة التي تغسل دماغ الشباب السوري الصاعد، وبالتالي تضمن الفرقة 101 مشاة بهذه التصرفات الحفاظ على شباب البلد لتكوين نواة لجيش وطني بالمستقبل، يضمن وحدة الأراضي السورية ويسعى لتحقيق الدولة الديموقراطية.
شاركت الفرقة 101 مشاة في معظم معارك الشمال السوري وخاصة الأخيرة منها مع جيش الفتح في تحرير مدينة إدلب ومشفى جسر الشغور، حيث كانت الفرقة مشتركة بغرفة العمليات الموحدة استشاريًا وعسكريًا، كما كان مقاتلوها على الجبهات الأمامية سواء في مدينة إدلب وكذلك بمعركة مشفى جسر الشغور كما أرسلت الفرقة عددًا لا بأس به من المقاتلين إلى جبهات حلب قبل البدء بمعارك المدينة للتمهيد لتحريرها اقتداءً بما جرى في مدينة إدلب، والأمر نفسه بالنسبة لريف حماة الذي لم تبخل عليه الفرقة بالمقاتلين وتم إحداث غرفة عمليات فاعلة للمعارك العسكرية حققت تحرير عدد من القرى من يد جيش النظام وخاصة في معارك سهل الغاب.
يتم تنظيم العمل في الفرقة بنظام داخلي وقوانين لتنظيم صلاحيات كل من القادة والعناصر والاستشاريين والإعلاميين، حيث يضمن القانون الداخلي حقوق المقاتلين فيها بصفة رسمية (كالمقاتلين في كل الجيوش) فتقوم الفرقة بعلاج من تتم إصابته، كما تتكفل الفرقة بعائلات الشهداء أو المصابين بإعاقة نتيجة القتال بحيث تضمن الحياة الكريمة للمصاب وأهله. كما أن الفرقة 101 مشاة ملتزمة بكل مواثيق جنيف للحروب ويخضع أعضائها وقادتها لقواعد احترام حقوق الإنسان ومعاملة الأسرى، كما يلتزم المنتسبون للفرقة باللباس العسكري الموحد أثناء التدريبات والمعارك.
ووفق ما ذكر العقيد مأمون العمر، أن الفرقة تضم حاليًا ما يقارب من 1500 مقاتل، بينهم 35 ضابط منشق عن جيش النظام بفترات مختلفة منذ اندلاع الثورة، وترحب بأي وقت بأي منضم جديد لها. تقوم الفرقة بالتصدي لكل من جيش النظام السوري وتنظيم داعش وأي تشكيل إرهابي يهدد وحدة الأراضي السورية أو الشعب السوري.
لا بد من الإشارة إلى أنّ الفرقة 101 هي جزء بسيط من الجيش الحر الذي أصبح يضم ألوية وفرق عديدة منتشرة على كافة الأراضي السورية، ويستطيع القارئ أن يعيد ترتيب هذه المعلومات مع بعضها ليعرف فعلًا من يحارب الإرهاب، فمع ضعف الإمكانيات ومع اتحاد جميع القوى الإرهابية، يرفض الجيش الحر الخنوع والتحالف مع أي منها ويقضي شهداؤه كل يوم في مواجهات مع جيش النظام وتنظيم داعش وبعض الفصائل الجهادية الأخرى.