أدى خلافٌ بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين ومصر إلى مقاطعة قطر وفرض حصار كامل عليها في يونيو/حزيران 2017. لكن فيما تتبلور مساعي الصلح بين هذه الدول العربية، يتساءل كثيرون عما سيحدث للمواطنين السعوديين الذين اعتُقلوا بسبب التعبير عن اعتراضهم والدعوة إلى الوحدة.
منذ ما يسمى بالربيع العربي، أدت التحالفات الإقليمية إلى إحداث شرخ بين قطر من جهة والرباعية العربية من جهة أخرى، حيث اتهم كل هؤلاء قطر بالتدخل في شؤونهم.
ذلك أن الدوحة، وهي عاصمة قطر ومقر السلطة في البلاد، رحّبت بالتغيرات السياسية في البلدان التي اجتاحتها الانتفاضات، ودعمت الإخوان المسلمين في مصر وأماكن أخرى. إلا أن زعماء الرباعية وجدوا أن هذه التغيرات السياسية تضر بمصالحهم، واعتبروا جماعة الإخوان المسلمين منظمة إسلامية إرهابية.
في النهاية، احتدم التوتر حتى قامت الدول الأربع كلها بمقاطعة هذه الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز وفرض حصار عليها، فدفعها ذلك إلى الارتماء في أحضان خصمَين إقليميين هما تركيا وإيران.
في أعقاب محاولات عديدة للمّ الشمل بين دول الخليج، وبعد أن كان قادة السعودية وقطر متناحرين، قاموا بالتوقيع على اتفاقية لتسوية خلافاتهما وإعادة العلاقات بين البلدين بوساطة كويتية وأمريكية.
في مطار العلا السعودي الواقع شمالي المدينة المنورة، استقبل القائد الفعلي للمملكة، أي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المعروف في الغرب بأحرف اسمه الأولى، خصمه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فيما كان كلاهما يرتدي القناع الطبي بسبب فيروس كورونا.
ما إن انتشر خبر المصالحة حتى أخذت وسائل الإعلام التابعة لطرفَي الخلاف، والتي خاضت لسنوات حربًا إعلامية شرسة نُسجت فيها نظريات المؤامرة وتم خلالها التهجم على الخصوم، تشيد بالمصالحة وترحب بالوحدة بين الأخوة الخليجيين.
في هذه الأثناء، لا يزال 20 مواطنًا سعوديًا على الأقل، ممن أعربوا عن مشاعر مماثلة في بداية الخلاف وبالتالي بدا أنهم يعارضون قادتهم في الرياض، مسجونين بتهمٍ لا تعدّ ولا تحصى.
في هذا السياق، نشر حساب Prisoners of Conscience أي “سجناء الرأي” المخصص لدعم السعوديين الذين يسجنون بسبب التعبير عن آرائهم التغريدة التالية على تويتر:
? WE CALL FOR THE IMMEDIATE RELEASE OF ALL PRSIONERS OF CONSCIENCE WHO WERE DETAINED JUST BECAUSE THEY CALLED FOR RECONCILIATION WITH QATAR, 3 YEARS AGO.#المصالحة_الخليجية
— Prisoners of Conscience (@m3takl_en) January 4, 2021
نطالب بالإفراج فورًا عن جميع سجناء الرأي الذين تم اعتقالهم لمجرد المطالبة بالمصالحة مع قطر قبل 3 سنوات.
من بين هؤلاء المعتقلين رجل الدين الإسلامي البارز سلمان العودة الذي تم اعتقاله عام 2017 بعد ساعات على نشره التغريدة التالية في 8 سبتمبر/أيلول 2017:
ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك..اللهم ألف بين قلوبهم لمافيه خير شعوبهم
— سلمان العودة (معتقل) (@salman_alodah) September 8, 2017
ومذّاك، قضى العودة، البالغ من العمر 63 عامًا، معظم عقوبته في السجن الانفرادي، وكان تواصله مع عائلته في تلك الفترة إما محدودًا أو معدومًا، فيما كان مسجونًا في ظروف قال ابنه إنها تعكس نية السلطات “بقتله ببطء”.
اللهم أعده لأهله ومحبيه والأمة العربية والإسلامية والعالم#لاتقتلوا_سلمان_العودة pic.twitter.com/UI2yoVMFfW
— د. عبدالله العودة (@aalodah) December 30, 2020
يقول ابنه عبد الله المقيم في الولايات المتحدة واصفًا وضع والده الصحي:
During the Nov. 18 court proceeding in Riyadh, my siblings were struck by how significantly weaker and emaciated our father was. Having lost half of his hearing and vision in prison, he was incoherent and had difficulty hearing and seeing them clearly. They felt that our proud, determined father seemed completely submissive and nodded at whatever he was told. They feared that in his precarious state, he could be forced into signing any kind of confession.
خلال المحاكمة التي أجريت في 18 نوفمبر/تشرين الثاني في الرياض، فوجئ إخوتي بمدى ضعف والدنا ونحوله. وبعد أن فقد نصف قدرته السمعية والبصرية في السجن، كان مشوشًا ويجد صعوبة في سماعهم ورؤيتهم بوضوح. شعروا أن والدنا الأبيّ والقوي الإرادة بدا خاضعًا تمامًا ويومئ برأسه ردًّا على كل ما يقال له. كانوا يخشون أن يتم إجباره على التوقيع على أي نوع كان من الاعترافات في وضعه المتدهور هذا.
بعد مرور عام على احتجاز العودة بدون محاكمة، سعى النائب العام السعودي إلى إنزال عقوبة الإعدام به بسبب 37 تهمة مختلفة، من ضمنها تحريض الشعب ضد الحاكم والدعوة إلى تغيير الحكومة وحيازة كتب ممنوعة.
فيما تعمل الأحزاب المتخاصمة على التعويض عن أخطائها، ازداد زخم الدعوات المطالِبة بالإفراج عن العودة وسجناء آخرين. غرّد نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس واتش مايكل بيج:
Now that #Saudi Arabia is easing tensions & opening border with #Qatar, how about releasing detainees like @salman_alodah, accused of opposing a blockade (that only ended up separating families, stranding workers, & interrupting people's medical care)? https://t.co/rxnbyUFAuV pic.twitter.com/e9RPq52L3Q
— Michael Page (@MichaelARPage) January 4, 2021
الآن، وقد بدأت السعودية تلطف الأجواء المتوترة وتفتح الحدود مع قطر، ما رأيكم بالإفراج عن المعتقلين أمثال سلمان العودة المتهمين بمعارضة الحصار (الذي أدى في النهاية إلى تفرقة العائلات وتشريد العمال وإيقاف الرعاية الصحية التي كان يحصل عليها الناس)؟
ويشمل الأشخاص البارزون الآخرون المعتقلون بتهم مماثلة، بما فيها إقامة علاقات مع الإخوان المسلمين والحكومة القطرية والتعبير عن الدعم العلني للمعارضين المسجونين، كلاً من عوض القرني وعلي العمري:
?Breaking news 2
We confirm that
Sheikh Salman al-Odah
Sheikh Awad al-Qarni
Sheikh Naser al-Omar
are still in solitary confinement under very bad circumstances.#اعدام_المشايخ_جريمة pic.twitter.com/sQl9FYY66K— Prisoners of Conscience (@m3takl_en) May 26, 2019
أخبار عاجلة 2…
نؤكد أنّ
الشيخ سلمان العودة
الشيخ عوض القرني
الشيخ ناصر العمر
لا يزالون في السجن الانفرادي في ظل ظروف سيئة للغاية.
من بين المعتقلين البارزين أيضًا الأكاديمي مصطفى الحسن والكاتب عبد الله المالكي وعالم الاقتصاد عصام الزامل.
يُذكر أنهم اعتُقلوا منذ أكثر من ثلاث سنوات، قرابة الوقت نفسه الذي اعتقلت فيه السلطات السعودية عدة ناشطات كنّ يطالبن بحق المرأة في القيادة، ومن بينهنّ الناشطة الشهيرة لجين الهذلول.