في 15 و16 مايو/ أيار 2021، صوت التشيليون لممثلي المواطنين الذين سيعيدون صياغة دستور تشيلي ويساعدون البلاد على التخلي عن النظام السياسي السابق الذي وضعته دكتاتورية العقود الماضية. كما صوّت المواطنون أيضًا للحكام ورؤساء البلديات وأعضاء المجالس المحلية الذين يعملون جنبا إلى جنب مع رئيس البلدية. لأول مرة في التاريخ، صوّت السكان الأصليون التشيليون لصالح ممثل ثقافتهم للمساعدة في إعادة صياغة الدستور.
كانت هذه الانتخابات رائدة – فقد تمكنت تشيلي من خلال عملية ديمقراطية من معالجة أزمة سياسية. في عام 2019، هزت الاحتجاجات البلاد، مما أدى إلى انهيار النظام السياسي. في البداية، احتج التشيليون على ارتفاع أسعار النقل، لكن السخط كان أعمق من ذلك بكثير: لم يكن الناس راضين على مستويات عديدة عن المجتمع التشيلي؛ كما تضاعفت التقارير عن عنف الشرطة.
بعد أربعة أسابيع من عدم الاستقرار، اقترحت سلطات تشيلي تنظيم استفتاء لتغيير الدستور. كانت الفكرة هي تغيير القواعد لإفساح المجال أمام ظهور نظام سياسي جديد. فضلت نتائج الاستفتاء، الذي أجري في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020، بأغلبية ساحقة وضع دستور جديد كتبه المواطنون العاديون. وقد تمت كتابة الدستور الحالي، الذي أُعتمد في عام 1980، خلال فترة الحكم الديكتاتوري في تشيلي تحت حكم أوغستو بينوشيه، وهي فترة من العنف السياسي الواسع الانتشار وحالات الاختفاء. بعبارات بسيطة، يعد الدستور الجديد رمزًا لبداية جديدة في كيفية الحكم.
وفقًا لدراسة أجرتها جامعة تشيلي، يأمل المتظاهرون ـ الذين أتيحت لهم مؤخرًا فرصة التصويت ـ في الحصول على تعليم أفضل والرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية والمزيد من المساواة بين الجنسين والاستدامة البيئية والمشاركة السياسية للسكان الأصليين.
لذلك، اتخذ التشيليون في منتصف مايو/أيار 2021 خطوة أخرى في العملية الديمقراطية من خلال انتخاب أولئك الذين سيغيرون دستور تشيلي. تبدو الصور العنيفة لعام 2019 قد ولت منذ فترة طويلة حيث ظهرت صورة جديدة للتشيليين وهم يتجهون إلى صناديق الاقتراع لتحديد مستقبلهم، كما يتضح من مجموعة مختارة من الصور التي التقطها المؤلف في مراكز الاقتراع في سانتياغو يوم الأحد 16 مايو/أيار.
كان الجو هادئًا للغاية في مقصورات الاقتراع، مع تشكل بعض الطوابير في بعض الأحيان. كان الناس صامتين في الغالب، ينتظرون بصبر التصويت والعودة إلى ديارهم. وبلغت نسبة المشاركة 43 في المئة وهي نسبة أقل مما كان هو متوقع. كانت النتائج أيضا مفاجأة كبيرة. وفشلت جميع التنبؤات والاستطلاعات الإعلامية. لقد اعتقدوا أن مرشحي اليمين ويسار الوسط سوف يبرزون كفائزين. لم يكن الأمر كذلك.
ينقسم المشهد السياسي في تشيلي تقليديا إلى ثلاث أيديولوجيات سياسية: اليسار والوسط واليمين. قدمت الأحزاب التقليدية مرشحين لكن 60% من المرشحين كانوا مستقلين، وفق إحدى الدراسات. واليوم أصبحت القوة السياسية الرئيسية هي المستقلين الذين حصلوا على 65 مقعدًا (40 في المائة)، يليهم أحزاب اليسار واليسار الوسطي واليمين. بعبارة أخرى، صوت الناس ضد الأحزاب السياسية التي حكمت تشيلي لعقود من أجل صياغة الدستور.
حتى الآن، لا نعرف ما إذا كانت الدولة بأكملها تتجه إلى اليسار- ستقدم الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 المزيد من الأدلة. وإجمالا، سيكون هناك المزيد من المستقلين والشباب والنساء والسكان الأصليين والتقدميين على رأس الدستور.