ردود أفعال رؤساء أمريكا الجنوبية على الحرب بين إسرائيل وغزة

تم إعادة نشر هذا المقال من موقع كونيكتاس، الشريك الإعلامي لمنظمة جلوبال فويسز.

لا يوجد بلد آخر في العالم يحوي هذا الكم من المواطنين ذوي الأصول الفلسطينية مثل تشيلي. تشير التقديرات إلى أنه يوجد في هذا البلد الأميركي الجنوبي أكثر من 500 ألف من أحفاد أولئك الذين وصلوا في بداية القرن العشرين، عندما كانت أرضهم جزءًا من الإمبراطورية العثمانية. بدأوا أعمالًا تجارية، وأنشأوا أندية اجتماعية ورياضية (مثل بالستينو، المؤسس عام 1920، الفائز مرتين بلقب دوري الدرجة الأولى لكرة القدم)، وكرس عدد كبير منهم أنفسهم للسياسة.

في الطرف الآخر من جبال الأنديز، في الأرجنتين، بدأ وصول اليهود في نهاية القرن العشرين، واشتد هجرتهم بعد المحرقة. يشكلون اليوم واحدة من أكبر المجتمعات اليهودية في العالم، خارج إسرائيل. كما أسسوا نوادي اجتماعية، حيث يتواجد يهود في عالم السياسة والأعمال والثقافة. حتى المرشحة الرئاسية اليسارية الأخيرة، ميريام بريجمان، من أصل يهودي. في ذلك البلد، جرت هذا الشهر إحدى أكبر المسيرات لدعم إسرائيل، نظمتها الجمعية الأرجنتينية الإسرائيلية المتبادلة (AMIA)، نفس منظمة الجالية اليهودية التي عانت من تفجيرات عام 1994.

من المحتمل أيضًا أن تكون الأرجنتين دولة أمريكا اللاتينية التي تضم أكبر عدد من ضحايا هجوم حماس. حتى وقت كتابة هذا التقرير، توفي ثمانية أرجنتينيين واختفى 15 (وردت أيضًا تقارير عن وفيات، واختفاءات، واختطافات من تشيلي، وكولومبيا، والمكسيك، والبرازيل). هذا ما يفسر جزئيًا لما، بعد التصعيد الأخير للعنف الذي بدأ بالهجوم الإرهابي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان الرئيس ألبرتو فرنانديز من أوائل الذين أدانوا الحركة الإسلامية، وأعربوا عن تضامنهم مع إسرائيل.

أعرب عن إدانتي الشديدة ورفضي للهجوم الإرهابي الوحشي الذي ارتكبته حماس انطلاقًا من قطاع غزة ضد دولة إسرائيل.

أتمنى أن يحظى شعب إسرائيل بالتضامن الكامل من هذا الرئيس والشعب الأرجنتيني.

لكن لم يكن رد فعل كل زعماء أميركا اللاتينية بهذه الطريقة. كانت الاختلافات أكثر وضوحًا، بشكل خاص بين القادة اليساريين، بسبب التقارب التاريخي الذي تربط هذه الشريحة بالقضية الفلسطينية.

على سبيل المثال، في تشيلي، كتب المرشح الرئاسي الشيوعي السابق دانييل جادو على X: “لشعب فلسطين الحق في المقاومة. لقد ظل المجتمع الدولي صامتًا لسنوات في مواجهة الإبادة الجماعية، وإبادة النساء والأطفال. من المؤكد أن “رد الصهيونية سيكون عنيفًا. [الحل] للصراع هو إنهاء الاحتلال! #فلسطين_حرة.”

انتقد اليسار نفسه تغريدته وغيرها، لتجنب وصف أعمال حماس ضد المدنيين الإسرائيليين “بالإرهابيين”.

الصهاينة وقوى اليمين في العالم وجهان لعملة واحدة. إنهم يحلمون بالرد على جرائم الكراهية، التي يرتكبونها، سيكون دائمًا الاستسلام، لكن لا يوجد أشخاص يمكنهم مقاومة الظلم إلى الأبد. أولئك الذين هم على استعداد للاستماع، سيستمعون #فلسطين_حرة، الحل الوحيد #إنهاء_الاحتلال.

يقول إسحاق كارو، حاصل على دكتوراه في الدراسات الأمريكية، أن دول المنطقة بشكل عام “أدانت أعمال حماس، وأشار لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، مع رفض الأعمال الانتقامية عندما تجاوزها للقانون الإنساني، أو الدولي.”

مع ذلك، هناك استثناءات مهمة: “في حالة فنزويلا، دافعت حكومتها صراحة عن الهجوم، وتجنبت نيكاراغوا وكوبا إدانته. من الجدير بالذكر أن هذه الدول الثلاث لا تملك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل”. الحالة الخاصة الأخرى هي كولومبيا، التي يهدد رئيسها، بعد فشله في إدانة فظائع حماس، بقطع العلاقات مع إسرائيل، لأن إسرائيل قطعت إمداداتها الأمنية، كما يوضح كارو.

كان التصريح الذي أدلى به الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الأكثر تعليقًا بسبب غرابته. قال الرئيس على شاشة التلفزيون العام، إن “يسوع كان طفلًا فلسطينيًا، شابًا فلسطينيًا، مصلوبًا مدانًا ظلمًا من الإمبراطورية الإسبانية، والأوليغارشية التي سيطرت على المنطقة”.

إن اتهام نيكولاس مادورو للإمبراطورية الإسبانية بصلب يسوع هو بلا شك أفضل شيء سنراه اليوم.

كانت ردود أفعال الرئيسين المكسيكي أندريس لوبيز أوبرادور، ورئيس تشيلي غابرييل بوريتش، أكثر اعتدالًا بكثير. دعا الأول إلى استعادة السلام وأدان “استخدام القوة ضد المدنيين”، في حين أدان بوريتش جرائم حماس ضد المدنيين والقصف الإسرائيلي على قطاع غزة. كما أكد أن كلا من إسرائيل وفلسطين لهما “الحق في الوجود”. سلط المحللون الضوء على موقف بوريتش باعتباره علامة إيجابية على “الحذر“، معتبرين أن الزعيم التشيلي كان من أشد المؤيدين للقضية الفلسطينية منذ أيام دراسته.

في جانب مهم من موقفه، استغرق بوريتش ثلاثة أيام لإصدار بيان عام حول الصراع. هذا، وفقًا للمحللين، يسلط الضوء على الصعوبة التي تواجهها حكومات أمريكا اللاتينية في اتخاذ موقف بشأن صراع معقد، مع وجود جماعة إرهابية من جهة وحكومة إسرائيلية، بقيادة اليمين المتطرف لسنوات. شددت قبضتها على السكان الفلسطينيين، وأصبح لها الآن رد فعل غير متناسب يؤثر على آلاف المدنيين.

بعد الهجوم على مستشفى غزة الذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 500 شخص (تبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات)، كتب بوريتش: “ندعو دولة إسرائيل لاحترام القانون الإنساني الدولي. تمامًا كما ندين العمل الإرهابي الذي شنته إسرائيل على غزة”. حماس، ندين أيضًا الاستخدام العشوائي للقوة الذي يؤثر على السكان المدنيين”.

تضامننا كان وسيظل دائمًا مع ضحايا العنف، دون تمييز. حزينون على ضحايا الإنسانية.

ندين، دون أي تفريق، الهجمات الوحشية وعمليات القتل والاختطاف التي تقوم بها حماس. لا شيء يمكن تبريرها، أو رفضها بنسبة معينة. ندينها بشكل كامل

بالنسبة لساندرا بوردا، من قسم العلوم السياسية بجامعة لوس أنديز بكولومبيا، تعكس تصريحات بترو وبوريتش طرفين متطرفين حول كيفية التعامل مع الصراع. “أوضح بوريتش بشكل قاطع إدانة الاعتداءات ضد السكان المدنيين، من جانب كل من حماس ودولة إسرائيل، ثم طالب باحترام القانون الإنساني الدولي (…) وكانت الحالات الأخرى تسترشد بشكل كبير بأيديولوجية الرؤساء. أعتقد أن الرئيس بيترو يندرج في هذه الفئة”.

بحسب بوردا، فإن بيترو “كان بليغًا جدًا في انتقاد واستنكار سلوك الدولة الإسرائيلية تجاه سكان الأراضي المحتلة، لكنه لم يقل كلمة واحدة عن انتهاكات حماس لحقوق السكان المدنيين وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء ضد المدنيين”.

شارك بوردا، على وسائل التواصل الاجتماعي، رسالة انتقد فيها السياسيون الكولومبيون إغفال بيترو إدانة هجمات الجماعة الأصولية. رد بترو على الباحث بأنه سيوقع الرسالة إذا تحدثت عن قرارات أممية تحظر احتلال فلسطين.

هل تعرفين يا ساندرا؟ أوقع رسالتك على الفور لو قلت، دون إخفاء ذلك وراء عدد من قرارات الأمم المتحدة، تقول الشيء نفسه، إن احتلال فلسطين محرم، والفصل العنصري بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وحقوق الشعب الفلسطيني مصانة (…)

يرى بوردا أن القادة يجب أن يركزوا على حماية المدنيين. “من الملائم أكثر أن نتخذ موقفًا مثل موقف الرئيس بوريتش، في الدفاع عن المبادئ الأساسية، وليس في مواقف مثل موقف الرئيس بيترو، الذي يرتكز على معتقدات أيديولوجية”.

لكن كما تعرض الزعماء اليساريون للانتقادات بسبب عدم وضوحهم بالقدر الكافي في رفض حماس، فهل يتعرضون الآن للمساءلة عما إذا كانوا بطيئين، أو فشلوا، في إدانة الهجمات الإسرائيلية على المدنيين؟

في مقال بصحيفة لا تيرسيرا، يزعم الصحفي التشيلي دانييل ماتامالا عدم استطاعتنا تجاهل سابقة مهمة. إن من يتولون السلطة اليوم يملكون ميول متطرفة: من ناحية الأصولية الإرهابية لحماس، ومن ناحية أخرى، الإيديولوجية اليمينية المتطرفة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لهذا السبب يؤكد ماتامالا على أن هذه ليست مباراة كرة قدم، حيث يمكنك تشجيع فريق ما، لأن “أولئك الذين ذبحوا الإسرائيليين العزل، وأولئك الذين ذبحوا الفلسطينيين الأبرياء، هم في الأساس متشابهون. إنهم قتلة. عندما ننحاز دون تفكير إلى أي جانب، نحن نلعب في أيديهم. في النهاية أعمالهم هي التي تسود”.

كانت كلمات الموسيقار الأرجنتيني دانييل باريمبويم، مواطن إسرائيلي فلسطيني، متشابهة. كتب باريمبويم، الذي أسس أوركسترا تضم فنانين من الجنسيتين، مقالًا في صحيفة ال باييس أكد فيه على ضرورة الاعتراف بالفظائع المرتكبة من حماس، مع التعاطف مع آلام الفلسطينيين. يوضح أيضًا، أحيانًا تجري مناقشات ساخنة في فرقته الموسيقية الخاصة، لكنها تنتهي “بالفهم الأساسي أننا جميعًا بشر متساوون، وأننا نستحق السلام والحرية والسعادة. قد يبدو هذا ساذجًا، لكنه ليس كذلك: لأن هذا الفهم هو الذي يبدو أنه مفقود تمامًا في الصراع على الجانبين اليوم”.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.