فهم الانقسامات في تركيا، مكسب في كل خطوة

الصورة من يوفان فاسيليفيتش، متاحة للاستخدام بموجب ترخيص Unsplash.

لا توجد طريقة أفضل لتوضيح الانقسامات في المجتمع والسياسة التركية من الاستشهاد بكلمة ميرفي ديزدار، الفائزة بجائزة أفضل ممثلة من مهرجان كان السينمائي، عن دورها في فيلم للمخرج الشهير نوري بيلجي جيلان، “عن العشب الجاف“.  وجهت ميرفي كلمة قصيرة ومؤثرة لنساء تركيا، بعد أن شكرت فريق عمل الفيلم ومخرجه:

The character of Nuray, whom I portrayed in the film, is a woman who struggles for what she believes in and for her existence and has to pay the price for this cause. I would have liked to spend time getting to know and understand my character, but unfortunately, being a woman in the geography I live in, means that the feelings of Nuray and Nurays like her, are engrained within me, from the day I was born. I dedicate this award, to all my sisters who do not bow down to those who are deemed worthy of them and take action to strengthen the struggle of Nuray and women like her, who risk everything for this cause and do not give up hope no matter what, and to all rebellious souls in Turkey who are waiting for the good days they deserve.

شخصية نوراي التي قمت بتصويرها بتجسيدها في الفيلم، هي امرأة تكافح لما تؤمن به، ومن أجل وجودها، ويجب أن تدفع الثمن لأجل هذه القضية. كنت أرغب في قضاء الوقت في التعرف على شخصيتي وفهمها، لكن للأسف كوني امرأة في المنطقة التي أعيش فيها، يعني أن مشاعر نوراي وأخريات مثلها، متأصلة في داخلي منذ يوم ولادتي. أهدي هذه الجائزة لكل أخواتي اللاتي اللواتي لا ينحنين لأولئك الذين يعتبرون جديرين بهن، ويقمن بأفعال لتقوية صراع نوراي والنساء مثيلاتها، اللواتي تخاطرن بكل شيء لهذه القضية، ولا تفقدن الأمل مهما حدث، ولكل الأرواح النفوس المتمردة في تركيا، التي الذين تنتظر الأيام الجيدة التي يستحقونها.

لم ترق الخطبة لأنصار الحكومة الحاكمة وأعضائها.

زعم إيمري جميل إيفالي، أحد أعضاء الحزب الحاكم، ومدير مساعد العلاقات العامة والإعلامية للحزب، أن ديزدار ليست سوى إرهابية، ووصفها في تغريدة بأنها “عبدة للغرب مثيرة للشفقة”.

صرحت ديزدار في مقابلة مع جازيت دوفار، إنها ترفض قبول هذه الانتقادات. قالت ديزدار: “إن الحصول على هذه الجائزة هو الأكثر أهمية كوني امرأة، لذلك أردت إهدائها لكل النساء. كانت تلك الكلمة عن حياتي. من المحزن رؤية أنها فُهمت من مثل هذه الزاوية. أتقبل النقد البناء، لكني لا أتقبل هذا الكلام كنقد.”

اتهم إبراهيم أوسلو، نائب رئيس المجلس الأعلى للإذاعة والتليفزيون في تركيا، ديزدار في تغريدة بعدم احترام تركيا:

أولًا، يجب عليك أن تتعلمي احترام بلدك، ميرفي ديزدار. فقط حينذاك، يمكنك انتظار التهنئة من مواطني هذا البلد للجائزة التي اسلمتها. عندما لا تحترمين بلدك، فلا يستحق الأمر تهنئتك على الجائزة.

لكن ديزدار كانت مُتحدية. عادت إلى تركيا بعد استلامها الجائزة الرفيعة، وتحدثت إلى رويترز مباشرة بعد الإدلاء بصوتها في الانتخابات الرئاسية، 28 مايو/أيار، قائلة: “في الدولة حيث ولدت، جميع النساء هنا تملك معارك خاصة. موجودة هنا وفي كل العالم. نعلم كم من الصعب كوني امرأة، وجهزت خطابًا عن ذلك.

انتقد كثيرون آخرون من أعضاء حزب العدالة والتنمية ديزدار، منهم سيردار تشام، نائب وزير الثقافة. اتهم تشام ديزدار “سب وطنها”، وفقًا لتقرير نشرته نزلان ارتان، بينما حث المحافظون “على وقف بث البرامج التي تظهر فيها الممثلة على محطات التليفزيون الوطني، وسحب أي دعم حكومي لأفلامها.” يبدو أن تشام، وكثيرون مثله، أخفقوا في ملاحظة النساء اللاتي قتلن أو انتحرن، نتيجة البيئة المُقيدة المفروضة عليهن في ظل زعامة حزب العدالة والتنمية. واحدة من أحدث الضحايا، كوبرا أرجين، 20 عامًا، انتحرت بعد يومين من الجولة الأولى من الانتخابات. تركت ارجين رسالة انتحار قائلة فيها: “أنا مُتعَبة. سرقوا شبابي. لم أشعر أبدًا بحريتي كامرأة. بسبب الناس في هذا البلد، لم أستطع أن أعيش طفولتي، ولم أستطع أن أعيش شبابي.”

النساء في ظل حكم حزب العدالة والتنمية

اتخذ حزب العدالة والتنمية عددًا من المواقف المثيرة للجدل ضد المساواة بين الجنسين في السنوات الأخيرة. اقترح الحزب الحاكم تقييد حقوق الإجهاض، حبوب الصباح، والعمليات القيصرية. بينما لا يزال إنهاء الحمل حتى الأسبوع العاشر، وحتى الأسبوع العشرين في حالات الخطورة الطبية، قانونيًا في تركيا إلا أن العثور على مستشفيات تقوم بهذا الإجراء، أصبح مستحيل عمليًا.

اتهم الرئيس رجب طيب أدوغان، عام 2014، بعدم فهم الأمومة. تحدث في قمة اسطنبول قائلًا: “يستطيع بعض الأشخاص فهم ذلك، بينما لا يستطيع الآخرون. لا يمكنك شرح ذلك للنسويات، لأنهن لا يقبلن مفهوم الأمومة.” كما صرح أيضًا أن المساواة بين الجنسين “ضد الطبيعة البشرية“، وأن النساء العاملات “ناقصات“. صرحت مؤخرًا الهيئة الدينية الرسمية لتركيا، في يناير/كانون الثاني 2023، التي استهدفت النساء في الماضي، أن النساء لا يمكنهن السفر بمفردهن.

في الفترة التي سبقت الانتخابات، عقد حزب العدالة والتنمية وزعيمه تحالفات مع العديد من الأحزاب التي تتطلع إلى تفكيك حقوق المرأة في البلاد، بما في ذلك إلغاء القانون رقم 6284، الذي يحمي المرأة من العنف المنزلي. بعد أن انزعج من التحالف، قال صلاح الدين دميرتاش، الزعيم المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، المسجون، في مقال كتبه من السجن أنه إذا كان التحالف، الذي يصفه بأنه “الأكثر يمينية، وإذا فازت الكتلة الأكثر رجعية في التاريخ السياسي لتركيا”، فمن المرجح أن تكون هذه الانتخابات الأخيرة التي يمكن للنساء التصويت فيها “لأن تحالف طالبان سيشمر عن سواعده لاغتصاب حقوق المرأة”.

حتى أن عضوات حزب العدالة والتنمية احتججن على إلغاء القانون رقم 6284. غردت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية، ديريا يانيك، على تويتر: “كان القانون رقم 6284 أحد أهم اللوائح القانونية التي اتخذناها (حزب العدالة والتنمية) في النضال ضد العنف”. تجاه النساء.” وانضمت إلى يانيك أوزليم زنجين، نائبة رئيس المجموعة التي تحدثت أيضًا دفاعًا عن القانون رقم 6284. تم استهداف المرأتين بسبب تصريحاتهما الداعمة للقانون وتم تهميشهما إلى حد كبير من قبل أعضاء حزبهما.

وفقًا Anit Sayac (بالتركية: Monument Tracker)، منصة توثق حالات العنف ضد المرأة، توفيت 397 امرأة نتيجة للعنف في عام 2022.

رسائل الدعم

حصل اعتراف ديزدار على الأوسمة والدعم من الفنانين والسياسيين المعارضين والصحفيين على حدٍ سواء. وأشاد مغني الأوبرا جوفينك داغوستون بنجاح ديزدار في عمود كتبه لصحيفة بيرغن. كتب داغوستون: “كان نجاح ميروة ديزدار الشيء الوحيد الذي جعلني أبتسم بعد فترة الانتخابات التي تركناها وراءنا. لقد ملأني بالأمل. أشكر ميروة ديزدار شخصيًا لأنها جعلتني أشعر بهذا الفخر والسعادة”.

كما دافع الممثل المخضرم قادر إنانير عن ديزدار، قائلاً: “أهنئ بشدة ميرفي ديزدار التي فازت بجائزة أدائها في مهرجان كان السينمائي، ثاني أكبر مهرجان سينمائي في العالم، وصانعي الفيلم. تحذيري للناس الجشعة: كونوا محترمين، قفوا وصفقوا”.

غرد عمدة أنقرة، الذي يمثل حزب الشعب الجمهوري المعارض، منصور يافاش:

مبروك لميرو ديزدار الحائزة على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي.
“أقدمها لكل النفوس المناضلة التي تنتظر الأيام الجميلة التي تستحقها في تركيا”.
نحن نشعر بالفخر.

ديزدار ليست الفنانة الأولى التي تعرضت للانتقاد في تركيا، واجه العشرات من الفنانين والمغنين وكتاب الأغاني والكوميديين المشهورين، في ظل قيادة الحكومة الحاكمة التي استمرت عشرين عامًا، الترهيب والقمع والتهديدات بسبب أعمالهم. كان هناك أيضًا الكثير من الأمثلة عندما حاولت الحكومة الحاكمة حظر المسلسلات التلفزيونية والعروض والموسيقى الأجنبية. غالبًا ما تكون المبررات فضفاضة، مع اتهامات كون المواد تروج للدعاية الإرهابية، أو تشجع على تعاطي المخدرات، أو إهانة الرئيس، أو الإساءة إلى القيم الأسرية المحلية، أو حتى تقديم معلومات مضللة ثقافية.

في الآونة الأخيرة، وجد المسلسل الدرامي “Kızılcık Şerbeti” (“شربات التوت البري”) نفسه في مأزق بسبب حلقة حول العنف ضد المرأة. دفع هذا المشهد المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون (RTÜK)، رئيس الرقابة في البلاد، إلى فرض غرامة قدرها 1.5 مليون ليرة تركية (77800 دولار أمريكي) على المسلسل والأمر بحظر البث بسبب ما وصفته الرقابة الرئيسة في البلاد بأنه تشجيع للعنف ضد المرأة.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.