السودان: المدنيون ضحية الصراع على السلطة بين العسكريين

خريطة السودان. لقطة الشاشة مأخوذة من قناة France 24 على يوتيوب

بينما تتكشف أحداث الإبادة الجماعية في السودان، ينظر المجتمع الدولي دون تدخل. أصبح المدنيون السودانيون عالقين في صراع بين قائدين عسكريين يسعيان للسيطرة الكاملة على البلاد.

بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات العامة المطالبة بالاستقالة الفورية للرئيس السوداني السابق عمر البشير (الذي تولى منصبه منذ عام 1989)، وتغيير الحكومة، تمت الإطاحة بحكم الرئيس الذي دام 30 عامًا في 11 أبريل/نيسان 2019.

تم بعد ذلك إنشاء مجلس السيادة الانتقالي لمدة 18 شهرًا لسد الشاغر، حتى إجراء انتخابات جديدة لاستعادة الحكم المدني. تم تعيين اثنين من المسؤولين العسكريين كقادة للمجلس: الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والفريق محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي.

لكن في 21 سبتمبر/أيلول 2021، شهد المجلس أول محاولة انقلابية له، بقيادة أنصار الرئيس السابق عمر البشير. في الشهر التالي، في 25 أكتوبر/تشرين الأول، حدث انقلاب آخر أدى إلى قيام الجنرال عبد الفتاح البرهان بحل الحكومة الانتقالية في البلاد. في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، تم إنشاء مجلس سيادة انتقالي جديد ليحل محل الحكومة السابقة. على الرغم من احتفاظ الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والفريق محمد حمدان دقلو بمنصبيهما، إلا أن الصراع سرعان ما اندلع بين الرجلين، مما أعاق عملية التحول الديمقراطي في البلاد.

لفهم مصدر هذا الصراع بشكل أفضل، تقدم صحيفة Courrier International الفرنسية شرحًا موجزًا في هذا الفيديو:

في 15 أبريل/نيسان 2023، قام عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو، بدعم من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على التوالي، بإغراق البلاد في حرب مميتة. بعد اتهامه بنشر قواته في دارفور والعاصمة السودانية الخرطوم، ومدن سودانية أخرى في 19 مايو/أيار، تمت إقالة محمد حمدان دقلو في نهاية المطاف من منصبه كنائب لرئيس المجلس الانتقالي.

المدنيون السودانيون عالقون فعليًا وسط صراع أناني بين جنرالين حول قيادة البلاد.

العنف وجرائم الحرب ضد المدنيين

نظرًا لاستهداف كلا الفصيلين، فإن سكان السودان الذين يقدر عددهم بأكثر من 48 مليون مواطن غالبًا ما يتحملون وطأة هذا الصراع. وقد سجلت المنظمات الدولية، مثل منظمة العفو الدولية، المعاملة العنيفة وقتل المدنيين.

في تقريرها “السودان: “جاء الموت إلى وطننا”: جرائم الحرب ومعاناة المدنيين في السودان”، الصادر في 3 أغسطس /آب 2023، ألقت هذه المنظمة باللوم على كلا الفصيلين في “الهجمات المتعمدة والعشوائية” التي خلفت آلاف القتلى والجرحى من المدنيين. مصاب. جاء في مقتطف من التقرير ما يلي:

Des milliers d’hommes, de femmes et d’enfants sont pris entre deux feux et les combattants des deux parties, qui utilisent souvent des armes inadaptées et des munitions explosives à large rayon d’impact, se positionnent souvent dans des zones résidentielles densément peuplées, d’où ils lancent des attaques. Les pillages et saccages de biens publics et privés, dont des infrastructures médicales et humanitaires, auxquels se livrent les parties au conflit exacerbent la situation humanitaire déjà catastrophique. Plus de 2,6 millions de personnes ont été déplacées à l’intérieur du pays et plus de 750 000 ont fui dans les pays voisins.

وقع آلاف الرجال والنساء والأطفال في مرمى النيران المتبادلة، حيث تستخدم الأطراف المتحاربة في كثير من الأحيان أسلحة غير دقيقة وأسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق، يتمركز المقاتلون في مناطق سكنية مكتظة بالسكان ويشنون هجمات منها. كما أدى نهب وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، بما في ذلك المرافق الطبية والإنسانية، من قبل الأطراف المتحاربة، لتفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل. نزح أكثر من 2.6 مليون شخص داخليًا، وعبر أكثر من 750 ألف شخص إلى البلدان المجاورة.

وفقًا لاتفاقية جنيف، نظرًا لأن هذه الحرب هي نزاع مسلح غير دولي، فيجب الحفاظ على حياة المدنيين. لكن هذا ليس هو الحال في السودان. لقد أصبح المدنيون السودانيون ضحايا لجميع أنواع العنف. كما تعرضت النساء والفتيات الصغيرات للاعتداء الجنسي والاغتصاب الجماعي. وقد روت إحدى الناجيات من الجنينة (مدينة في جنوب شرق البلاد على الحدود مع تشاد) روايتها في تقرير منظمة العفو الدولية:

On n’est nulle part en sécurité à El Geneina. Je suis sortie de chez moi parce qu’il y avait partout des coups de feu […] et ces criminels m’ont violée. Maintenant je crains d’être enceinte […] Je ne pourrais pas le supporter.

لا يوجد أمان في أي مكان في الجنينة. غادرت المنزل لأنه كان هناك إطلاق نار في كل مكان […] وقام هؤلاء المجرمون باغتصابي. الآن أخشى أن أكون حاملاً […] وأخشى ألا أتمكن من التعامل مع ذلك.

تسببت الجماعات المسلحة في إثارة الرعب والموت في عدة بلدات. كما نُفذت عمليات إعدام بإجراءات موجزة في المدارس التي لجأ إليها العديد من المدنيين.

لفهم العنف الذي يعاني منه المدنيون بشكل أفضل، اقرأ: السودان: مدينة دارفور المدمرة

وتقدم منظمة دولية أخرى، وهي هيومن رايتس ووتش، مزيدًا من المعلومات حول أعمال العنف، التي ترتكبها هذه الجماعات المسلحة في تقريرها. يتضمن هذا التقرير شهادات مروعة من ناجين من إطلاق النار، وأشخاص انتهكت حقوقهم الإنسانية.

نزوح جماعي

تسببت فظائع هذا الصراع بالفعل في فرار آلاف المواطنين السودانيين من السودان. تقوم الدول المجاورة بعد ذلك بدور الدول المضيفة، حيث يبحث معظم المدنيين الآن عن ملجأ في تشاد. حتى 10 سبتمبر/أيلول 2023، استقبلت أكثر من 400 ألف لاجئ سوداني، وفقًا لأرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

مع ذلك، تخشى السلطات التشادية من أن يؤثر هذا الصراع المتصاعد على بلادها. كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن تزايد خطر الإبادة الجماعية. أصدرت أليس وايريمو نديريتو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية، بيانًا حذرت فيه من هذا الوضع المقلق في السودان. تقول في هذا البيان، نقلًا عن UN INFO:

Après quatre mois de combats incessants, accompagnés de violations des droits de l'homme et d'abus généralisés, le nombre de morts, de blessés et les milliers de personnes déplacées dans le cadre d'un conflit à forte composante identitaire est inacceptable. (…) les violences intercommunautaires et ethniques, si elles ne sont pas empêchées ou stoppées, pourraient s'intensifier et entraîner l'ensemble du Soudan dans une guerre civile, avec un risque élevé de génocide et de crimes d'atrocité connexes.

بعد أربعة أشهر من القتال المستمر، مع انتهاكات وتجاوزات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، شمل مستوى الوفيات والإصابات ونزوح الآلاف في صراع على مكونات قوية تعتمد على الهوية، أمر غير مقبول. […] إن العنف بين الطوائف والعنف القائم على أساس عرقي، إذا لم يتم منعه أو وقفه، يمكن أن يتصاعد ويغرق البلاد بأكملها في حرب أهلية، مع ارتفاع مخاطر الإبادة الجماعية والفظائع المرتبطة بها.

تلقي كلا الفصيلين للدعم الأجنبي

تدعم دول أفريقية مختلفة، وقوى خارجية كلا الفصيلين. في سبتمبر/أيلول 2023، قام عبد الفتاح البرهان برحلات دولية متعددة، في المقام الأول إلى مصر وجنوب السودان، وإريتريا، وقطر، وتركيا. بحسب خالد عمر يوسف، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، فإن البرهان يسعى إلى تعزيز سلطته. قال يوسف لموقع TRT Afrika:

Je crois qu'il veut renforcer la position militaire dans cette guerre en discutant avec les pays voisins et les acteurs régionaux et internationaux qui pourraient avoir une certaine influence sur la situation au Soudan.

من خلال إجراء محادثات مع الدول المجاورة وكذلك الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي قد يكون لها بعض التأثير على الوضع في السودان، أعتقد أنه يسعى إلى تعزيز موقف الجيش في هذه الحرب.

بحسب صحيفة لوموند الفرنسية، فإن قوات الدعم السريع، برئاسة محمد حمدان دقلو، تتلقى أيضًا دعمًا عسكريًا من مجموعات المرتزقة في مالي وتشاد والنيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى وروسيا، بالإضافة إلى قوى أخرى في الشرق الأوسط، مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. يوضح هذا الفيديو لفرانس 24 المزيد:

في ظل هذه الظروف، فإن الأمل لدى الشعب السوداني ضئيل للغاية في رؤية الطرفين يجلسان إلى طاولة المفاوضات لاستعادة السلام في بلدهما.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.