تلعب وسائل الإعلام دورًا فعالًا في التأجيج أو التخفيف من حدة الصراع في المناطق المتأثرة، فهي تساعد في تنمية أو نشر السلام. لا يتوافر الكثير من المعلومات عن الصراعات الدائرة بين شمال السودان وجنوبه، ويعزى هذا لقلة المعلومات المصرح بها للعلن من قبل الحكومة السودانية مما يعني وجود مصدر وحيد للمعلومات للمجتمع الدولي.
قامت الأصوات الصاعدة باجراء مقابلة عبر البريد الإلكتروني مع ريان بويتي، المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة تقارير النوبة، وهي عبارة عن فريق من الصحفيين المستقلين يرسلون تقاريرهم من مناطق الحرب في جنوب كردفان وجبال النوبة في السودان. تحدثنا مع ريان عن عملهم والتحديات التي يواجهونها يوميًا من أجل تقديم تقارير إخبارية بديلة عن الوضع في السودان.
الأصوات الصاعدة: حدثنا أكثر عن مشروع تقارير النوبة، نحن نعرف فقط المعلومات الرئيسية الموجودة على موقعكم الإلكتروني والتي قدمت لنا صورة عن ماهيتكم، ولكن ماذا يوجد في أعماق تقارير النوبة؟
ريان بويتي: بدأ هذا المشروع من أجل القاء الضوء على صراع يصعب نشره. عندما اندلعت الحرب بين الحكومة السودانية وجيش التحرير الشعبي السوداني، أدركتُ أن هناك نقصًا في مصداقية المعلومات المتوفرة لصناع القرار الدولي، والمنظمات غير الحكومية، والإعلام. لذلك أطلقنا هذا المشروع لنكون مصدرًا للمعلومات لهذه الجهات. نأمل بأن يسهم هذا المشروع في إيصال الدعم الإنساني لضحايا هذا الصراع وتسليط الضوء على الأعمال الوحشية التي تحدث بسببه.
أ.ص: المراسلون: من هم؟ هل بدأوا كصحفيين شعبيين أم أنهم حصلوا على التدريب؟
ر.ب: إن مراسلينا هم ضحايا هذا الصراع، فمنهم من أُجبروا على ترك منازلهم مع عائلاتهم بينما اضطرّ الكثير منهم لتأجيل خططهم كالالتحاق بالجامعات أو الزواج. لدى كل منهم قصة يرويها عن كيفية تأثير الصراع على حياته، بينما يجمعون على رغبتهم في أن يعي العالم ما يشهدونه يوميًا. إن صحافيينا يعملون من المناطق التي تربوا وعاشوا فيها، لذا فهم يعرفون أغلبية الناس في مجتمعهم والمجتمعات المحيطة. قبل انضمامهم لنا لم يكن أحد منهم يعرف الطريقة الصحيحة للإمساك بالكاميرا أو توجيه الأسئلة خلال المقابلات، ولكنهم الآن وبعد حصولهم على أربع تدريبات مختلفة، أصبح أربعة من مراسلينا من ذوي الخبرة في تقديم القصص عن طريق الفيديو والصور وإجراء المقابلات.
أ.ص: كيف يتم إعداد التقارير؟ ماهي التكنولوجيا المتوفرة لإيصال المعلومات من دارفور إلى الإنترنت؟
ر.ب: حاليًا ليس لدينا مراسلين بدوام كامل في دارفور، يرتكز عملنا بالدرجة الأولى على تغطية الصراع في ولاية جنوب كردفان وقليلًا من الصراع الدائر في ولاية النيل الأزرق ونسعى بأن ننشر عن دارفور.
يستخدم مراسلونا كاميرات رقمية بعدسات أحادية عاكسة تمكنهم من تصوير فيديوهات غاية في الوضوح لما يحدث، كما أن هذه الكاميرات مزودة بنظام تحديد الموقع العالمي لذا فإن أي صورة يتم التقاطها تكون موسومة بهذا النظام مما يضمن الحصول على معلومات واقعية. نستخدم أجهزة هاتف وموصلات إنترنت تعمل بالأقمار الصناعية لنقل المعلومات من مناطق الحرب بشمال كردفان لاستديوهات التحرير التابعة لنا خارج السودان والتي نقوم فيها بإنشاء فيديو من دقيقتين إلى خمس دقائق باستخدام لقطات الصور لعمل التقرير، كما نقوم أيضًا بتحرير جميع التقارير النصية التي تصلنا، ومن ثم نقوم بنشرها على موقعنا على الإنترنت. فريق المحررين يتكون من سودانيين أيضًا.
أ.ص: لماذا تعتقد بأن الإعلام الأجنبي ممنوع في دارفور؟ هل هذا يفسر نقص التغطية الإعلامية للصراع الدائر أم أن هناك أسباب أخرى في رأيك؟
ر.ب: ليس الإعلام الأجنبي فقط، في دارفور وشمال كردفان والنيل الأزرق، الإعلام السوداني له نصيب من الحظر أيضًا، فهناك الكثير من الصحف أغلقت في الخرطوم لنشرها معلومات عن الصراع في هذه المناطق. وتم اتهام العديد من أعضاء الحكومة السودانية بجرائم حرب بواسطة محكمة الجنايات الدولية لارتكابهم جرائم حرب خلال صراع دارفور. وأنا أجزم بأن الحكومة السودانية لا ترغب في وصول الإعلام لهذه المناطق حتى لا يتم الكشف عن الجرائم التي تحدث.
أ.ص: ماذا عن الأمان؟ كيف يتعامل مراسليكم مع خطر النشر والتقرير؟
ر.ب: شرحنا لهم المخاطر المترتبة على هذا العمل قبل أن يبدأوا بالعمل معنا وأبدوا موافقتهم على التعرض لها من أجل شعب السودان. في الحرب الأخيرة كانت مناطق النوبة بجنوب كردفان محاطة بأرتال من القوات النظامية عملت على تأكيد عزلة جنوب كردفان عن العالم، إلا أن مراسلينا يبذلون قصارى جهدهم لضمان عدم عزلة الشعب مرة أخرى.
أ.ص: هل هناك فرق بين الصورة التي تنقل عن الصراع للعالم الخارجي وبين الصراع الدائر على أرض الواقع؟
ر.ب: نعم بالتأكيد فهناك الكثيرون ممن يودون حصر هذا الصراع في نطاق العرقية أو الدين أو السياسة، إلا أنني أؤمن بأن ما يجري على أرض الواقع ليس شيئًا واحدًا بل هو خليط من كل هذه الأشياء. إنها ليست فقط حربًا يخوضها السود ضد البيض لأن هناك الكثير من السود في القوات الحكومية وكثير من أعضاء جيش التحرير الشعبي السوداني من العرب وأعراق أخرى. يمكن أن تكون حربًا بين المسيحيين والمسلمين حيث هناك الكثير من المسلمين في صفوف القوات الثورية، ولكن في نفس الوقت تستعمل حكومة السودان الكثير من الأساليب لتفرقة الناس بناء على أسس عرقية أو دينية حتى تتمكن من السيطرة على البلاد.
كان هذا لقاءنا المثمر مع ريان بويتي المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة تقارير النوبة. هناك كثير من الأشياء التي يمكن عملها للوصول لسلام دائم في شمال كردفان وجبال النوبة، في حين تبقى الشفافية الإعلامية والتقارير المحايدة كما في تقارير النوبة، طريقة فعالة لفتح الطريق لحلول سلمية.
لمعرفة المزيد عن مشاريع تقرير النوبة الحالية يمكنكم الانضمام إليهم على فيسبوك وتويتر.