كُتب هذا المقال من قبل الكاتب أندري رازافيمباهوكا وحُرر من قبل جلوبال فويسز.
من المقرر أن يقوم الشعب الملغاشي بالتصويت لاختيار رئيس جديد للبلاد قبل نهاية تشرين الأول/أكتوبر القادم، تنفيذًا لقرار المحكمة الدستورية العليا لإنهاء حالة عدم الاستقرار والمعارضة الشعبية فى البلاد، ومع ذلك فإن ماضي المرشحين البارزين ملوث أكثر مما ينبغي.
كانت الاحتجاجات قد اندلعت فى أنتاناناريفو ضد الحكومة في الفترة ما بين 15 و 27 نيسان/أبريل الماضي، مطالبة باستقالة الرئيس عقب رغبته في تنفيذ قوانين انتخابية جديدة قبل إجراء الانتخابات.
في الثامن والعشرين من نيسان/أبريل، أمرت المحكمة الدستورية بتشكيل حكومة ائتلافية تجمع وزراء من أحزاب سياسية مختلفة والتي بدأت مهمتها في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي تعمل على إخراج البلاد من الأزمة السياسية الحالية.
وفي محاولة لتهدئة الاحتجاجات، عين الرئيس هاري راجوناريمابيانا كريستيان ناتسي – المسؤول الرفيع المستوى فى منظمة العمل الدولية – رئيسًا للوزراء، كما تم عزل حوالي 10 من أصل 30 وزيرًا من منصبهم.
وطبقًا للدستور، يجب على الرئيس تقديم استقالته قبل المرحلة الأولى من الاقتراع بشهرين مما يسمح له بالترشح مرة أخرى أمام اثنين من الرؤساء السابقين، يحمل كلاهما ماضيَ مثير للجدل نوعًا ما.
مدغشقر أرض تهتز بأزمات متكررة
نشر محرر مجلة بوليتيكا اندريامانامبو قائلًا:
Painful and constant as they are, Malagasy crises represent a permanent reminder of this country's instability.
مؤلمة وباقية كما هي، دائمًا ما تذكرنا الأزمات في مدغشقر بعدم الاستقرار الذي تعانيه.
وبالنسبة للخبير في تاريخ الجزيرة، نجحت الأزمات السياسية في اعتراض طريق كل مسارات النمو والتنمية.
Every time Madagascar has drafted a take-off plan, it has been sold short a few years later by a major political crisis which has put a question mark against any positive dynamic under way.
في كل مرة تستعد مدغشقر لخطة انطلاق، تعطلها أزمة سياسية كبرى بعدها بسنوات قليلة، مما يضع علامة استفهام حول إمكانية تنفيذ أي شيء.
بدأت تظاهرات معارضي الرئيس في الحادي والعشرين من نيسان/أبريل الماضي ضد قانون الانتخابات الجديد الذي اعتبروه غير ملائم للرؤساء السابقين مارك رافولومانا، وأندري راجولينا المرشحين في الانتخابات القادمة.
كان بإمكان القانون الجديد منع المرشحين السابقين من الاستمرار، حيث كان سيتم منع رافولومانا بسبب سجله الجنائي. في 2010، جُكم عليه بالعمل الإجباري مدى الحياة – وهو الحكم مع وقف التنفيذ – عقوبةً على مسؤوليته عن مصرع 40 متظاهرعلى يد الحرس الرئاسي في 2009. كما كان سيتم منع راجولينا الذي يرأس شركة إعلانية، وهيئات إعلامية خاصة من خوض الانتخابات بسبب القيود المفروضة على استخدام وسائل الإعلام، وبعض القواعد المتعلقة بتمويل الحملات، الأسباب التي أُلغيت في المشروع النهائي المقترح لقانون الانتخابات.
ولكن طبقًا لمدير الأبحاث في المعهد البحثي للتنمية مياريرل رازافدراكوتو فإن ما يشغل المواطنين الذين لهم حق الاقتراع هو تزايد حالة الفقر. فحتى لو نجح هيري راجونارومينافيانيا في إعادة تدفق المساعدات من المجتمع الدولي، فإنه لن ينجح في إيقاف الأزمة بسبب تشابك الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد؛ حيث صُنفت مدغشقر كدولة فقيرة على مدى العشر سنوات الأخيرة وسط صراعات سياسية متكررة.
الرئيس السابق مارك رافالومانا
بعد اتهام الرئيس ديديارراسيراكا والذي تولى الرئاسة بين عامي 1975-1993، وعامى 1997-2002 بالاحتيال، و أصبح رافالومانا رئيسًا لمدغشقر فى 2002 بعد مرحلة واحدة من الاقتراع على عكس رغبة المجتمع الدولي الذي أيد إعادة الاقتراع بين المرشحين الحاصلين على أكثر أصوات فى الجولة الأولى، ولكن دحض رافالومانا هذه الفكرة بحجة أنه حصل بالفعل على أكثر من 50% من الأصوات ولذلك فلا داعي لإجراء جولة ثانية من الاقتراع لأنه ربح بالفعل.
وفى 2008- وعلى عكس رغبة قطاع عريض من الشعب- ناقش رافالومانا احتمالية تأجير مساحة 1.3 مليون هكتار لمؤسسة كورية جنوبية، ثم ضربت الأزمة الاقتصادية العالمية البلاد فى 2009 والتي أدت إلى استمرار الحركات الاحتجاجية بالشوارع لشهور مما دفعه إلى الاستقالة فى 17 مارس 2009 ليُنفى لاحقًا إلى جنوب افريقيا.
أنريه راجولينا رئيس المرحلة الانتقالية
وفى هذا اليوم، سلم الجيش السلطة لأندرى راجولينا الذي كان رئيس لبلدية أنتاناناريفو فى القترة بين عامى 2007 و2009، وأُلزم بتشكيل حكومة ائتلافية مدعومة بالرؤساء السابقين رافالومانا وراتسكيرا وألبرت ظافى. ولكن ضغط المجتمع الدولي على راجولينا لإجراء انتخابات لم تُجرى إلا فى 2013 بعد أن زاد الفقر فى عهده إلى معدلات خطيرة، مع تراجع معدل النمو الاقتصادي.
و يأمل راجولينا من دون شك أن يثأر من هذا القرار عن طريق النجاح فى هذه الانتخابات. وفى تلك الحالة، سيكون نجا من خطر مامينيانا رافاتومانج- رجل الأعمال الثرى والمنافس السابق للرئيس الحالى- والمتهم بالاحتيال الضريبي، وغسيل أموال خاصة بعمليات إجرامية.
و فى هذا السياق، تلوح الانتخابات الرئاسية بجميع العلامات التي ستقود إلى عاصفة جديدة على الحياة السياسية فى مدغشقر.