أثر تدابير احتواء فيروس كورونا على حركة حقوق الإنسان والحريات المدنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الناشطة السعودية في مجال حقوق النساء، لجين الهذلول هي من بين العديد من نشطاء حقوق الإنسان في المنطقة الذين لايزالون في السجن، رغم تعدد طلبات الإفراج عنهم. صورة للجين الهذلول/ أو تي آر سيستم  (CC BY-SA 4.0)  .

 كتب هذه المقالة خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان، وهي منظمة مستقلة غير ربحية وغير حكومية تعمل على تقديم الدعم والحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

دفعت حالات فيروس كوفيد-19 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى قيام الحكومات بوضع  تدابير الاحتواء وإجراءات أخرى لإبطاء انتشار فيروس كورونا شديد العدوى.

استهدفت هذه التدابير بعض الفئات الأكثر ضعفاً مثل المدافعين عن حقوق الإنسان في السجون، والعمال المهاجرين، ووسائل الإعلام المستقلة، بشكل خاص.

تابع مركز الخليج لحقوق الإنسان التأثير الخطير لبعض هذه الإجراءات على الوضع العام لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تنتهك العديد من هذه الإجراءات، غير العادلة، القانون الدولي؛ فالعمال المهاجرون والسجناء المحتجزون، على سبيل المثال، الذين غالبًا ما يعيشون في ظروف معيشية متدنية المستوى، يتمتعون بالفعل بالحماية بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 25:

لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه

فيما يلي استعراض حقوق الإنسان الموجز لمركز الخليج لحقوق الإنسان عن تأثير فايروس كورونا (كوفيد-19) على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:

 ا. احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان

لا يزال المدافعين  البحرينيين عن حقوق الإنسان  نبيل رجب (يمين الصورة) وعبد الهادي الخواجة في السجن رغم الطلبات  المتعددة لإطلاق سراحهما وسراح كل السجناء السياسيين في المنطقة. صورة لمركز البحرين لحقوق الإنسان  (CC BY-SA 3.0).

الحقيقة هي أن معظم المدافعين عن حقوق الإنسان لا يزالون في السجن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في وقت أفرجت فيه حكومات، بما في ذلك حكومات المغرب والمملكة العربية السعودية ومصر، عن بعض السجناء كجزءٍ من الإجراءات الوقائية لاحتواء انتشار الفايروس. مع انتشار فايروس كورونا، أصبحت حياة المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين في خطرٍ وشيك في دول مثل إيران، ومصر، والكويت، وسوريا، والبحرين، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والجزائر، وغيرها من البلدان التي تزدحم  فيها السجون التي تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الصحية.

من بين السجناء الحاليين عبد الهادي الخواجة ونبيل رجب، المديران المؤسِسان لمركز الخليج لحقوق الإنسان، حيث يقضيان عقوبة السجن المؤبد وخمس سنوات في السجن على التوالي. في الإمارات العربية المتحدة، تم احتجاز أحمد منصور في الحبس الانفرادي لمدة ثلاث سنوات، حيث يقضى عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات بسبب نشاطه في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التعبير عن آرائه بشكل سلمي على وسائل التواصل الاجتماعي. في السعودية، لا تزال الناشطة في مجال حقوق النساء، لجين الهذلول، في السجن.

 2. الوصول إلى المعلومات وإغلاق الصحف

لا تقوم معظم الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإعلان عن الأعداد الفعلية لحالات المصابين بالفيروس وتجعل من الصعب جداً على الصحفيين الوصول إلى معلومات موثوقة حول انتشار وعلاج فايروس كورونا. كما يتعرض للخطر، الصحفيون الذين يقدمون معلومات واقعية عن الأزمة للمواطنين.

على سبيل المثال، أصدر معمر الأرياني، وزير الاتصالات في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي قراراً  يحمل الرقم (6) لسنة 2020 في اليمن، بتاريخ 23 مارس/آذار، وقد ورد في مادته الأولى أن “يتم إيقاف إصدار الصحف الحكومية والأهلية “الورقية” والأكتفاء بنسخها الإلكترونية.” وذلك للفترة من 25 مارس/آذار ولغاية 12 أبريل/نيسان 2020 حسب ماورد في المادة (2) من القرار فيه، ضمن حزمة الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة فايروس كورونا.

في عُمان، وبتاريخ 22 مارس/آذار 2020، أمرت اللجنة العليا للتعامل مع فايروس كورونا جميع الصحف والمجلات والمنشورات الأخرى بالتوقف عن الطباعة والتوزيع، حسب  تايمز أوف عمان التي نشرت أمر اللجنة، كما حظرالأمر بيع وتداول الصحف والمجلات والمنشورات المستوردة إلى البلاد.

في المغرب، وبتاريخ 22 مارس/آذار 2020، أوقف وزير الثقافة والشباب والرياضة، حسن عبيابة في  بيانٍ، نشر وتوزيع الصحف المطبوعة حتى إشعار آخر.

في الأردن، وبتاريخ 17 مارس/آذار 2020، أوقف مجلس الوزراء الأردني نشر جميع الصحف لمدة أسبوعين، للحد من انتشار الفيروس، وقد ورد ذلك في بيانٍ رسمي أدلى به وزير الاتصالات الأردني أمجد العضايلة. استمر توقف الصحف بسبب الحجر الصحي، وطلبت الحكومة من المواطنين البقاء في منازلهم.

3. تقديم مشروع قانون يهدد حرية التعبير في تونس

قُدِّمت مسودة القانون رقم 29/2020 بشأن تعديل المادتين 245 و 247 من أحكام قانون العقوبات إلى البرلمان التونسي في 29 مارس/آذار. مشروع القانون، الذي سُحب بعد مُضي يوم من احتجاج مجموعات المجتمع المدني والمواطنين، يهدف إلى تجريم، “الكشف عن أي خطاب كاذب أو مشكوك فيه بين مستخدمي شبكات ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قد تكون مهينة للأفراد أو المجموعات أو المؤسسات.”

كان مشروع القانون هذا تناقضاً صارخاً مع المواد 31 و 32 و 49 من الدستور التونسي، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسي ، التي صدقت عليها الجمهورية التونسية. إذا تم اعتمادها، لكانت سُتلغي حتماً العديد من مواد مرسوم القانون 2011-115 المؤرخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 بشأن حرية الصحافة والطباعة والنشر، لأنها تحتوي على أحكام قانونية شاملة لجرائم نشر الأخبار الكاذبة (المادة 54) والافتراء ( المادتان 55 و56).

4. السجن المؤقت لنشر الشائعات في الإمارات

في 01 أبريل/نيسان 2020، نشرت صحيفة أخبار الخليج، وهي صحيفة يومية تصدر باللغة الإنكليزية مقرها دبي مقالاً بعنوان، فايروس كورونا: الشرطة ووزارة الصحة تطلبان من السكان البقاء في المنزل والتوقف عن تداول الأخبار المزيفة؛ ورد في المقال أن “الأشخاص الذين ينشرون الشائعات قد يسجنون لمدة عام واحد إذا نشروا معلومات كاذبة.” من الممكن الآن استخدام فيروس كورونا كذريعة لسجن بعض المدونين ونشطاء الإنترنت الذين يتم استهدافهم من قبل جهاز أمن الدولة.

5. تكنولوجيات تتبع الموقع

تستخدم بعض دول الخليج مثل البحرين تقنيات تتبع الموقع التي ستتيح الكشف الكامل عن حركة المواطنين، هناك مخاوف من أن استخدام هذه التطبيقات في البلدان، المعروفة على نطاق واسع بالإنتهاكات الجسيمة والموثقة لحقوق الإنسان، سيسمح لها بوضع قيودٍ أكبر على الحريات الشخصية.

6. الكراهية ضد العمال الوافدون في دول الخليج

في الكويت، خلال مقابلة بتاريخ 31 مارس/آذار 2020، دعت الممثلة حياة الفهد إلى رمي العمال المهاجرين خارج البلاد حيث تواجه أزمة فايروس كورونا.

في 10 مارس 2020 ، وبعد نشر صورة لعامل وافد وهو يحمل صندوق كبير من المطهرات فوق ملابسه، تعرضت شركة  أرامكو السعودية للنفط إلى إنتقادات بسبب سوء المعاملة اللإنسانية للعامل، والتي يمكن تصنيفها على أنها عنصرية، كانت الشركة قد قامت بالإعتذار بعد ذلك.

أكدت تقارير واردة من دول خليجية مختلفة أن العمال المهاجرين لا يحصلون على الرعاية الطبية على قدم المساواة ويواجهون بعض الوقت الصعب في الفترة الحالية، حيث يعيش العديد منهم بالفعل ويعمل في ظروف سيئة.

يمكن للسلطات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تساعد في وقف انتشار فايروس كورونا (كوفيد-19) من خلال إطلاق سراح جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي لأنهم لا يشكلون خطراً على الجمهور – ولكنهم أنفسهم في خطرٍ كبير. أثناء الاحتجاز، يجب على السلطات التمسك بقواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء لتوفير الرعاية الصحية الأساسية ومواد التطهير للجميع، من المهم أيضاً السماح بزيارات خبراء الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.