خرج مئات المتظاهرين من مدن أردنية مختلفة إلى الشوارع، منذ يوم السبت 13 مارس/آذار، مطالبين بالمحاسبة عن إهمال القطاع الصحي، وإلغاء قانون الدفاع القاسي، وتغيير الحكومة.
بدأ الغضب من الحكومة بالاضطرام منذ شهور بسبب السياسات المتضاربة والتخبط السياسي، ولكن ما أثار الاحتجاجات هو وفاة تسعة أشخاص، من بينهم مرضى كوفيد -19، بسبب أعطال في إمدادات الأكسجين في مستشفى عام.
قوبل المتظاهرون بالغاز المسيل للدموع، تلاها اعتقالات جماعية.
شارك الصحفي المحلي، نضال سلامة مقطع الفيديو التالي من حملة القمع:
تفريق المحتجين في العقبة بالغاز pic.twitter.com/R1V98LopzK
— الصحفي نضال سلامه (@nidal_news) March 13, 2021
خلال الاحتجاجات، وفي نفس الوقت الذي قام به المشاركون ببث الأحداث على الهواء مباشرة على مختلف قنوات التواصل الاجتماعي، واجه المستخدمون تباطؤًا في الاتصال بالإنترنت وانقطاعًا لميزات محددة، بما في ذلك البث المباشر على فيسبوك؛ أصبح خنق شبكة الإنترنت ممارسة شائعة مع كل حالة من حالات الارتباك الاجتماعية. في غضون ذلك، فشلت معظم وسائل الإعلام المحلية في تغطية الاضطرابات أثناء حدوثها، مما أفضى إلى تعتيم إعلامي.
الشعب يريد اسقاط الدفاع
#يسقط_قانون_الدفاع pic.twitter.com/p7ce8XjF7v— Abood_road (@AboodRoad) March 14, 2021
تزامنت الاحتجاجات مع الذكرى السنوية الأولى لسن قانون الدفاع الأردني الشائن، الذي أعطى الحكومة صلاحيات واسعة لإصدار الأوامر بحجة احتواء انتشار الفيروس، ولكن ثبت أن القانون غير مجدٍ: فبين منتصف آذار/مارس ونهاية أيلول/سبتمبر، سجل الأردن إجماليًا تراكميًا بلغ 61 وفاة و11825 حالة إصابة بكوفيد-19. في 17 مارس/آذار2021 ، أي بعد مرور عام بالضبط على سن الأردن لقانون الدفاع، سجلت المملكة 56 حالة وفاة و9535 حالة في يوم واحد فقط.
البلاد التي تمت الإشادة بها في يوم من الأيام لتعاملها مع الوباء، وصلت اليوم إلى أقصى طاقتها الاستيعابية في مستشفياتها العامة والخاصة، وهو سبب آخر وراء احتشاد المتظاهرين في جميع أنحاء المملكة.
حكومة جديدة وسط الجائحة
عدم فعالية قانون الدفاع كانت واحدةَ من القضايا التي أثارت غضب الجمهور، ولكن التطبيق الانتقائي للقانون المعوَق أمسى عالة جنبًا إلى تضرر اقتصاد البلد بشدة من الجائحة، وقرب معدلات البطالة من 25 في المائة.
في مطلع تشرين الاول/اكتوبر، وصل البرلمان الى نهاية ولايته التي استمرت أربع سنوات، مما ادى الى حله؛ تبع ذلك استقالة روتينية لرئيس الوزراء وحكومته كما ينص الدستور؛ تم إثر ذلك تعيين رئيس وزراء جديد، بشر الخصاونة وهو المساعد السابق للملك، الذي أعلن في اليوم التالي أن البلاد ستخضع لإغلاق تام لمدة أربعة أيام. شكك الكثيرون في إصرار الحكومة على المضي قدماً في الانتخابات على الرغم من ارتفاع حالات كوفيد-19.
في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، أدى برلمان جديد اليمين الدستورية، تحت ظلال الجائحة. مع اقتراب عملية التصويت من نهايتها، بدأ الإغلاق الذي دام أربعة أيام، لكن بالرغم من ذلك، ومع ظهور النتائج، خرق الفائزون في الانتخابات الإغلاق، وتجمعوا في الشوارع بشكل جماعي للاحتفال بالأغاني، والرقص، والعيارات النارية. أثار ذلك غضباً جماهيرياً، مما دفع رئيس الوزراء إلى إصدار أوامر لوزير الداخلية المنتخب حديثاً بالاستقالة، ولأفراد الأمن بحل التجمعات الجماهيرية بسرعة.
قالت سلمى نمس على تويتر:
سؤال: بما انه فيديوهات الاحتفالات تدفق علينا من كل حد وصوب، ممكن لو سمحتوا اسمحولنا نمشي بالحارة مع اولادنا!؟
— Salma Nims سلمى النمس (@Salmanims) November 11, 2020
سخر مستخدم آخر على تويتر من رد رئيس الوزراء الخصاونة الاعتذاري على الانتقادات:
https://t.co/DnNQkCyeIO pic.twitter.com/jHnXGJz2bv
— Bob L'eponge *fungi on hiatus* (@Fungidelic) November 12, 2020
مع إعلان وزير الصحة السابق في يونيو/حزيران 2020 أن كوفيد-19 “نشف ومات”، واصلت الحكومة الجديدة على إضعاف الإغلاقات طوال يناير/كانون الثاني وشباط/فبراير، وبالرغم من تزايد الحالات واصلت الحكومة على تخفيف القيود، كما فتحت قطاعات مثل المدارس والصالات الرياضية، بالإضافة إلى إلغاء إغلاق يوم الجمعة. ما بين منتصف وأواخر شباط/فبراير، ومع التزايد السريع للحالات، أصدرت الحكومة إعلانًا متأخرًا لتأكيد حظر التجول ليلاً وعودة إغلاق يوم الجمعة.
المزيد من الإخفاقات الوزارية
تعرضت الحكومة الجديدة لفشل آخر بعد فترة وجيزة، ففي 28 فبراير/شباط 2021، أُذِن وزير العدل، بسام التلهوني ووزير الداخلية، سمير المبيضين بالاستقالة على خلفية فضيحة: حضر الوزيران حفل عشاء، حيث جلسوا مع أكثر من ستة أشخاص معا على طاولة، منتهكين فعلياً أوامر الصحة والسلامة التي وُضِعت للحد من تفشي الفيروس.
بعد فترة قصيرة، كلف الملك توفيق كريشان وأحمد زيادة بإدارة وزارتي الداخلية والعدل بالوكالة. لم يتم تعيين المبيضين إلا في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أن طُلِب من توفيق الحلالمة التنحي لفشله في تطبيق الإغلاق المناسب بعد الانتخابات.
في 7 مارس/آذار، تم إجراء تعديل حكومي آخر لتسريع الإصلاحات الموجهة من قبل صندوق النقد الدولي، وبناء عليه، أجرى الخصاونة، رئيس الوزراء، تعديلات وزارية في حكومته، حيث عيّن وزراء جدد من بينهم وزير الداخلية الجديد، مازن الفرّاية. قبل تعيينه وزيرا للداخلية، كان الفرّاية نائب رئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، أحد الوحدات الحكومية التي تدير الجائحة. لا يزال غير مؤكد ما إذا كان الفرّاية قد استمر في منصب نائب الرئيس.
أعاد مستخدمو تويتر الأردنيون تغريد هذا التعليق، الذي يعود تاريخه إلى عام 2012، والذي يعتبرونه صالحاً اليوم كسخرية من سرعة تغيير، وإعادة تدوير الحكومات وأعضاء مجلس الوزراء:
So three Jordanians walk into a bar. The king removes the Prime Minister & dissolves the parliament. That's how all stories finish in Jordan
— Karl Sharro (@KarlreMarks) October 5, 2012
دخل ثلاثة أردنيين إلى حانة. الملك يزيل رئيس الوزراء ويحل البرلمان. هكذا تنتهي جميع القصص في الأردن.
سرعان ما أعلن مجلس الوزراء، الذي تم تشكيله حديثاً، فرض حظر تجول أكثر صرامة اعتباراً من 13 مارس/آذار، لاحتواء الانتشار السريع للفيروس، والتزايد المقلق في الإصابات بين العاملين في المستشفيات، وإشغال الأسرّة في وحدات العناية المركزة في المستشفيات.
مرة اخرى تفاجئنا الحكومة بقرارات آخر لحظة.
الاختلاط والتدافع الذي سنشهده في اليومين القادمين يعنيان المزيد من الإصابات والأسبوع القادم سنحتاج المزيد من التضييق على المواطن بسبب هذا التزايد.
ندفع ثمن التخبط بشكل متكرر.— Hadeel A. Aziz هديل (@hadilaziz) March 10, 2021
فضيحة انقطاع الأكسجين
في باكر صبيحة يوم السبت، 13 آذار/مارس، انتشرت أنباء عن وفيات نتيجة انقطاع الأكسجين لمدة ساعتين في أجنحة المستشفى العام في مدينة السلط غرب العاصمة عمان، كان من بين الذين لقوا حتفهم مرضى كوفيد-19.
Earlier this morning, news came in that my dear aunt passed away from #COVID19. Shortly after, news of a governmental fiasco in Jordan broke. She was one of several patients who passed away due to oxygen shortage at the Salt General Hospital.https://t.co/DYGcNiMgJl
— Sandra Hiari ساندرا (@sandra_hiari) March 13, 2021
في وقت سابق من صباح اليوم، وردت أنباء عن وفاة عمتي العزيزة من كوفيد-19، بعد فترة وجيزة، انتشرت أنباء عن إخفاق حكومي في الأردن، كانت [عمتي] واحدة من عدة مرضى توفوا بسبب نقص الأكسجين في مستشفى السلط العام.
استعرت ضجة على الصعيد الوطني، مما أدى إلى سلسلة من الأحداث الاستثنائية؛ بدايةً، أقال الملك وزير الصحة نذير عبيدات وقام بتعيين الفرّاية، وزيرالداخلية ونائب رئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وزيرًا للصحة بالوكالة. يجري التحقيق حاليًا لتحديد الأسباب الكامنة وراء الفشل في تزويد المستشفى بالأكسجين بشكل كافٍ في الوقت المحدد.
نشر مستخدم أردني على تويتر ساخراً من رد فعل رئيس الوزراء الفراية على تعامل الحكومة الفوضوي مع الجائحة والوفيات:
https://t.co/pjoqhjgiKM pic.twitter.com/cFo97Fw5rW
— Abuhawash (@Abuhawash10) March 14, 2021
بعد عام من الإغلاق وحظر التجول الذي لم يقدم سوى القليل من الإغاثة الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، لم يعد البلد في وضع جيد للتعافي من الجائحة على المدى الطويل. مع وجود تدابير أكثر صرامة في الأفق، وتصاعد الغضب العام، ودنو شهر رمضان، تنتشر الريبة بشكل كبير بشأن ما سيحدث.
نسبة للصحفي باسل الرفايعة:
ستذهبُ السلطةُ إلى مزيدٍ من القسوة، تعبيراً عن تفاقم أزمتها، وإفلاسها، وعجزها عن اجتراح الحلول. لن تواجه المعضلة، ستحرصُ على إنكارها، والتصدي لمظاهرها.
— باسل رفايعة Basil Alrafaih (@basilrafayeh) March 16, 2021