هذه القصة جزء من النشرة الإخبارية لمرصد الإعلام المدني التابع للأصوات العالمية الأصوات المكبوتة. اشترك في النشرة البريدية.
مرحبًا بكم مرة أخرى في الأصوات المكبوتة، سنتعمق هذا الأسبوع في الروايات السياسية التي تهز إسرائيل. أنا كاتبة رسالتكم الإخبارية، ميليسا فيدا، أعمل مع فريق مرصد الإعلام المدني وباحثتنا، التي ستبقى مجهولة الهوية تحت الاسم الوهمي “آنا”.
تقول آنا، تصف إسرائيل نفسها بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، لكن هذه الفكرة تنهار بسرعة. تحاول حكومة نتنياهو الجديدة – ذو ائتلاف مع اليمين الديني المتطرف في البلاد – الحد من صلاحيات المحكمة العليا، مما أثار احتجاجات في جميع أنحاء البلاد منذ يناير/كانون الثاني 2023.
بالنسبة للمتظاهرين، تبشر هذه الإصلاحات بنهاية الديمقراطية في إسرائيل. إنهم يطالبون “بيبي” (كما يُطلق على بنيامين نتنياهو بشكل غير رسمي) بإلغاء التغييرات والاستقالة. تعتبر الضوابط والتوازنات في إسرائيل ضعيفة نسبيًا بالفعل، حيث لا يوجد لدى البلاد دستور رسمي وتسيطر الحكومة على أغلبية مجلس النواب المكون من غرفة واحدة، الكنيست.
صعود اليمين المتطرف في إسرائيل
تعد الحكومة الإسرائيلية الحالية أكثر الائتلافات اليمينية والدينية التي شهدتها البلاد منذ إنشائها قبل 75 عامًا. تم تشكيل الائتلاف بعد إجراء الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بعد سنوات من الحكومات غير المستقرة، والانتخابات المبكرة. يتقاسم حزب بنيامين نتنياهو – الليكود – الطاولة مع خمسة أحزاب محافظة وعنصرية يهودية أخرى: يهدوت هتوراة، شاس، الحزب الصهيوني الديني، عوتسما يهوديت، ونوعام.
يتضمن الإصلاح القضائي تغييرات متعددة. في يوليو/تموز، أقرت الحكومة مشروع قانون يحد من سلطة المحاكم في إلغاء القرارات الحكومية التي توصف بأنها “غير معقولة للغاية”. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم يخططون لمنح السياسيين المزيد من النفوذ عند تعيين قضاة المحكمة العليا ومنح الوزراء القدرة على تجاهل المشورة القانونية، من بين تغييرات أخرى.
مع ذلك، فإن الإصلاحات القضائية لا تحدث في الفراغ. وفي هذا العام، تم نقل شؤون الضفة الغربية من الحكم العسكري إلى الحكم المدني، وهو ما عدّ ضمًا قانونيًا. دفعت الحكومة من أجل المزيد من المستوطنات الإسرائيلية، وسعت إلى منح المزيد من السلطة للمحاكم الدينية والتشريعات، وأنشأت حرسًا وطنيًا شبه عسكري جديد تحت السيطرة المباشرة لوزير الأمن القومي، إيتامار بن جفير.
الروايات
نظرة المحتجين: “الحكومة الإسرائيلية الحالية تحول البلاد إلى دكتاتورية“
يتنوع منتقدو الإصلاح القضائي بين السكان اليهود. وتعارضها المعارضة السياسية (مثل حزبي إسرائيل بيتنا ويش عتيد)، وكبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، وجنود الاحتياط، ورؤساء القضاة السابقين، والحائزين على جائزة نوبل الإسرائيليين، وقادة الأعمال، لا سيما من صناعة التكنولوجيا الهامة.
ينتشر المتظاهرون في الشوارع من جميع الأجيال في جميع أنحاء البلاد، مع أنّ تل أبيب هي نقطة ساخنة رئيسية. قابلت الشرطة بخراطيم المياه والاعتقالات. هناك رواية فرعية قوية بين المتظاهرين هي: “سنحتج حتى يوقف نتنياهو الإصلاح القضائي“.
تسلط هذه الاحتجاجات الضوء على الانقسام بين الحركات الدينية والعلمانية في المجتمع اليهودي الإسرائيلي. وتخطط الحكومة الجديدة لزيادة الميزانية ووجود الحياة اليهودية المحافظة في البلاد، وكذلك المستوطنات على الأراضي المتنازع عليها. مثال على هذا التوتر الأخير لاحتجاج الناس على خط القطار الحديث، حيث لن يعمل من الجمعة إلى السبت تكريمًا لعيد السبت، معتبرين أنه تمييزي لجزء كبير من السكان.
إن الرسالة الرئيسية للمتظاهرين هي وطنية بطبيعتها – فهم يحبون إسرائيل ويسعون للدفاع عنها ضد “انقلاب” نتنياهو على المؤسسات الديمقراطية. كما قال الناشط الشبابي عمري رونين، الذي يصف نفسه “المواطن الصهيوني”، في خطاب عام: “لقد استقبلنا دولة على طبق من فضة من الجيل المؤسس، والآن من واجبنا أن نؤدي دورنا”.
في يوليو/تموز، سار عشرات الآلاف من المتظاهرين لمدة خمسة أيام من تل أبيب إلى القدس في حرارة الصيف، في محاولة لمنع الحكومة من إقرار المجموعة الأولى من الإصلاحات. كان ذلك أبرز مظاهر السخط بين السكان الإسرائيليين، لكن لم تستجب الحكومة.
كيف تظهر هذه الروايات على الإنترنت
استغلت كسينيا سفيتلوفا، الصحفية الإسرائيلية والناطقة بالروسية الشهيرة، ذات وجهات النظر الليبرالية، المسيرة كفرصة لإظهار عمق التضامن بين الإسرائيليين.
أشارت أيضًا إلى المعلومات المضللة المنتشرة عبر الإنترنت حول المتظاهرين: هم ليسوا “بضع مئات من المتقاعدين” أو “زومبي مغسولي الدماغ” يطيعون “المتنورين” أو “الرجل السحلية”، على حد زعمها.
انظر التحليل الكامل لهذا البند هنا.
ماذا تقول الأصوات الفلسطينية؟
من وجهة النظر الفلسطينية، فإن الديمقراطية الإسرائيلية لم تكن موجودة حقًا على الإطلاق. وصفت منظمة العفو الدولية إسرائيل بأنها دولة “فصل عنصري“، حيث يواجه الفلسطينيون التمييز المنهجي والحرمان من الحقوق.
أحد الانتقادات الشائعة لحركة الاحتجاج الإسرائيلية والتغطية الإعلامية هو إهمالها المتكرر للتعدي الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية الأصلية، حيث يرى البعض أن الديمقراطية الحقيقية في إسرائيل لا يمكن أن تتعايش مع الاحتلال المستمر.
امتنع المواطنون العرب داخل إسرائيل، حوالي 20% من السكان، إلى حد بعيد عن الانضمام إلى الاحتجاجات.
بحسب المحامي والناشط الفلسطيني رجا شحادة، فإن غياب تطبيق القانون والقمع في الأراضي المحتلة يؤدي إلى تآكل أسلوب الحياة الإسرائيلي وسيادة القانون. قد يكون الثعبان يعض ذيله.
يقول شحادة لصحيفة نيويوركر: “أعتقد أن الإسرائيليين، بشكل عام، لا يدركون أنه لا يمكنهم تحقيق الديمقراطية في إسرائيل بينما لا توجد ديمقراطية لملايين الفلسطينيين الذين يسيطرون عليهم في الضفة الغربية وقطاع غزة”.
شهدت حكومة نتنياهو الصهيونية المتطرفة زيادة في عنف المستوطنين وعمليات التهجير، كما يثير الإصلاح القضائي المقترح قلق الفلسطينيين، حيث يقلل ضعف المحكمة العليا من قدرتهم على اللجوء للقانون.
نظرة الحكومة: “من يحتجون على حكومة نتنياهو هم أعداء الدولة“
يقود السياسيون، الذين كانوا على الهامش ذات يوم حكومة نتنياهو، حيث تتمتع شخصيات مثل إيتامار بن جفير بنفوذ سياسي كبير. يملك بن جفير سجل إجرامي يتضمن إدانات بالتحريض على العنصرية ضد الفلسطينيين، وارتباطه بحزب كاخ المحظور، الذي يتبنى أيديولوجية صهيونية دينية متطرفة.
تم تعيينه وزيرًا للأمن القومي عام 2022، ووكل إليه الإشراف على فرقة حرس الحدود الإسرائيلية في الضفة الغربية الخاضعة للاحتلال.
حجة التحالف الداعمة للإصلاح القضائي هي نظرتهم للمحاكم كونها “تحيز يساري ونخبوي“، يعطي الأولوية لحقوق الأقليات على حساب دولة إسرائيل. مع ذلك، يعتقد البعض أن الحد من سلطة المحاكم هو وسيلة مريحة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتهرب من تهم الفساد.
إذا عارض نتنياهو رغبات ائتلافه، فقد يؤدي ذلك لانهيار الحكومة، وربما يؤدي إلى انتخابات مبكرة أخرى. كما وصف أعضاء الحكومة المتظاهرين بأنهم “إرهابيون” يعتزمون زعزعة استقرار البلاد ويستحقون عقوبات شديدة.
ظهرت رواية فرعية قوية عند إعلان عناصر رئيسية في الجيش الإسرائيلي القوي عدم الحضور إلى الخدمة إذا تم إقرار الإصلاحات ــ أن “الأشخاص الذين يحتجون في إسرائيل يحرضون على الانقلاب“. كما انتقد الآلاف من جنود الاحتياط (مجموعة الجنود الذين يعززون الجيش في أوقات الحاجة) وأفراد القوات الجوية الإصلاحات. مما يضعف جيش إسرائيل القوي.
كما يروج أعضاء الحكومة المؤثرون أيضًا للرواية القائلة بأن هذه الاحتجاجات غير حقيقية ويرعاها “أعداء إسرائيل”. من الممكن أن يشير هؤلاء “الأعداء” إلى الدول الإسلامية (إيران)، والجماعات الإسلامية (حزب الله)، لكنهم في بعض الأحيان يشيرون أيضًا إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأي “جماعة معادية للسامية” أخرى.
كيف تظهر هذه الروايات على الإنترنت
في إسرائيل، تدعم معظم وسائل الإعلام الاحتجاجات. في اليوم التالي لإقرار الحكومة المجموعة الأولى من الإصلاحات القضائية، في 25 يوليو/تموز، نشرت الصحف أغلفة أمامية سوداء علامة على الحداد.
أعاد وزير الأمن الوطني بن جفير نشر صورة لهذه الصور على فيسبوك، مدعيًا أن الصفحات السوداء هي دليل على التدخل الأجنبي.
جاء في تعليقه: “ليس هذا ما يبدو عليه “الاحتجاج الشعبي”، وأن الصفحات الأولى تم شراؤها من قبل كيانات أجنبية تدير حملة لتدمير البلاد”.
يدعمه قسم التعليقات ويوافق على عدم شراء تلك الصحف مرة أخرى، متعهدًا بمشاهدة “القناة 14″ التي تدعم اليمين المتطرف فقط. تنتقل هذه الروايات إلى قاعدة من المؤيدين المتشددين.
انظر التحليل الكامل لهذا البند هنا.
حتى وقت كتابة هذا التقرير، تعقد المحكمة العليا جلسات استماع بشأن التغييرات القضائية. وفي الوقت الراهن، لا أحد يعرف كيف سيسلك القضاة.