وصل الوضع في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في مدينة دمشق إلى مستويات كارثية وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا). بدقّة، لازال من الصعب تقديم تصور لما يجري هناك لكن تقارير النشطاء المحليين تقول أن جزءً كبيرًا منه صار تحت سيطرة داعش وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة. وأن القتال جارٍ الآن بين كلا الفصيلين والميليشيّات الفلسطينّية والسّورية فيه.
ولتكتمل قتامة المشهد، بقيت المدفعية التابعة للحكومة السورية تقصف المنطقة منذ يوم الأحد، بحسب الناشط المحلّي حاتم الدمشقي وتقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان من مقره في لندن، الذي يتابع أخبار القتال في سوريا عبر شبكة من النشطاء.
في بيان رسمي للمفوض العام لوكالة أونروا بيير كراهينبول وصف فيه الوضع في اليرموك بأنّه “أكثر يأسًا من أي وقتٍ مضى” مضيفًا عن الوضع الراهن “ببساطة، إنه مكان خطير ولا يمكن الوصول إليه”. يوجد فيه حاليًّا 18 ألف مدني محاصر، بينهم 3500 من الأطفال يعيشون في ظروف مريعة. “لا يشغل بال القاطنين هناك الآن إلّا البقاء على قيد الحياة”. كراهينبول، من الأردن مغردًا عبر تويتر يدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري لإنقاذ المدنيين في المخيم:
Time for int'l mobilization to save Palestinian and Syrian civilians in Yarmouk. Call on world leaders to act before too late. #SaveYarmouk
— Pierre Krähenbühl (@PKraehenbuehl) April 5, 2015
حان الوقت ليتحرك المجتمع الدولي لحماية فلسطينيي اليرموك في سوريا. نداء إلى قادة العالم للتحرك قبل فوات الأوان.
Bloodshed in Yarmouk appalling. Credibility of int'l system tested. World political, religious & other leaders must act 2 #SaveYarmouk RT
— Pierre Krähenbühl (@PKraehenbuehl) April 5, 2015
أعمال العنف في اليرموك مروّعة. إن مصداقية النظام الدولي تحت الإختبار. على الساسة ورجال الدين وغيرهم التحرك.
عبر قناة دويتشه فيله الألماني، وصف كريستوفر جونس المتحدث باسم الأونروا الوضع بالكارثي، حتى قبل التصعيد الحالي قائلًا “اليرموك كان المكان حيث لاقت فيه النساء حتفهن أثناء الولادة بسبب نقص الدواء وتموت الأطفال بسبب سوء التغذية. تلك أمور كانت مريعة بالفعل. في أيلول / سبتمبر الماضي، دُمّر الخط الرئيسي الذي يغذي المخيم بالمياه، لذلك زاد اعتماد الناس على الأونروا بشكل كبير. أوضاع غير إنسانية على الإطلاق. بصدق، لقد كان المخيم حفرة جحيم. ومع اندلاع القتال مجددًا، ساء كل شيء بشكل كبير”.
بدأت تظهر الآثار الوخيمة لصعوبة الدخول إلى اليرموك على المدنيين المحاصرين فيه. اعتبارًا من الآن، من المستحيل تقدير الأضرار بشكل دقيق. وفقًا لحكيم سعيد المقيم بالمخيم الذي تحدث الشهر الماضي إلى “سوريا مباشر”، بالأصل، لم تكن مساعدات الأونروا كافية للحفاظ على المدنيين قبل استيلاء داعش. يعتمد المدنيون بشكل كبير على هذه المنظمة للبقاء على قيد الحياة. يعتمد 95% من فلسطينيو سوريا كليًا على الأونروا. “نحن لسنا راضين لإننا لا نعرف متى سنحصل على حزم المساعدات”. يضيف، “سنستهلك المساعدات المتوفرة خلال أسبوع. كمية الخبز لا تكفي لأكثر من يومين”
من بين المجموعات التي تقاتل كلًّا من داعش وجبهة النصرة يبزر جيش الإسلام والمجموعة الأكثر أهمية أكناف بيت المقدس. في حديثه لصحيفة الغارديان، زعم متحدث باسم جيش الإسلام أن مجموعته قتلت 80 من مقاتلي داعش وأنهم “يستطيعون بالتأكيد صد الهجوم”. بالإضافة إلى ذلك وعبر تصريح رسمي باسم أكناف بيت المقدس عبر تويتر قالوا فيه أنهم يقاتلون النصرة وداعش:
أكناف بيت المقدس تصدر بيان صحفياً تؤكد فيه استمرارها بالدفاع عن #مخيم_اليرموك ضد هجوم #داعش المدعومة من #جبهة_النصرة pic.twitter.com/V0C5hprUq6
— مجموعة العمل (@actgroup_pal) April 4, 2015
“In the name of God, the Most Gracious, the Most Merciful, […] your brothers, Aknaf Beit Al-Maqdis is confronting the barbarian attack on the Yarmouk camp by the criminal ISIS and in cooperation with Nusra for the past 4 days. […] We at Aknaf Beit Al-Maqdis are defending the capital of the Palestinian diaspora and the blood of our people […]
“بسم الله الرحمن الرحيم، […] يتصدى إخوانكم في كتائب أكناف بيت المقدس للهجوم البربري، الذي يتعرض له مخيم اليرموك منذ أربعة أيام. […] إننا في أكناف بيت المقدس ندافع الآن عن عاصمة الشتات الفلسطيني، تأديةً لواجبنا وذودًا عن دماء شعبنا […]”
بدوره، أصدر جيش الإسلام بيانًا عبر حسابه على تويتر باللغة الإنجليزية يحيَ فيه أكناف بيت المقدس ومُدينًا النصرة وتحالفها مع داعش:
Statement about the recent developments in the Yarmouk camp pic.twitter.com/WchHaIVrNf
— Army of Islam (@IslamArmy_Eng) April 6, 2015
الحمد كله لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد.
صُدمنا باقتحام داعش لمخيم اليرموك وقتالها لمجموعة أكناف بيت المقدس. كنّا قد طالبنا جبهة النصرة بإجبار داعش على العودة إلى منطقة الحجر الأسود أو السماح لنا بالدخول إلى المخيم للدفاع عن سكانه لكنهم رفضوا بحجة عدم السماح لمجموعة شام الرسول بالدخول إليه. طالبنا النصرة بدخول جيش الإسلام فقط لكنهم رفضوا هذا أيضًا.
الغريب أن النصرة تعتبر داعش من الخوارج ومع هذا فقد سمحوا لهم بالدخول والإعتداء على مجموعة أكناف بيت المقدس، المجموعة التي دافعت عن المخيم ضد هجمات النظام وصمدت تحت الحصار لمدة عامين.
هذا الأفعال أفضت للعديد من الانشقاقات بين صفوف النصرة جنوب دمشق. البعض التحق بداعش بينما العديد منهم إما توقف عن القتال أو التحق بمجموعات مقاتلة أخرى.
على موقع موندويز، تؤرخ مؤسسة جفرا لتنمية الشباب والإغاثة – وهي منظمة إنسانية غير حكومية مقرّها مخيم اليرموك – للأحداث الأخيرة بين 1-4 نيسان/أبريل. بالإضافة للمعلومات الواردة في هذا المقال، وثقت مؤسسة جفرا لمقتل نشطاء في المخيم بأيدي كلٍّ من داعش والنظام السوري. من بين الضحايا جمال خليفة وماجد العمري. خليفة الذي قتل جرّاء قصف النظام، ناشط إعلامي يبلغ 27 عامًا وهو مخرج مشارك لفيلم قصير بعنوان “حصار” فيه يسلط الضوء على الحياة تحت الحصار في المخيم. ماجد العمري أيضًا شاب عمره 21 عامًا كان يعمل كمنسق لفريق الخدمات في مؤسسة جفرا، قُتل بأيدي قوات داعش. “مات برصاصة قنّاص في شارع قرب منزله”.
في مقابلة مع محمد البيطار، ابن المخيم المقيم حاليًا في إسبانيا والمتحدث باسم شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في سوريا، أجرتها معه ليلى نشواتي من الأصوات العالمية لصالح صحيفة إل دياريو الأسبانية. تحدث عن الوضع على الأرض وهنا بعض الإقتباسات من أجوبته:
[…] La lucha se libra en varios frentes, contra ISIS y contra las fuerzas de Asad a la vez. Es durísima, pero no ha cesado […] El campo lleva dos años ocupado, aislado, con la gente muriendo de hambre, y a pesar de eso resiste. El régimen no ha conseguido someterlo y para justificar su destrucción total, hacía falta que entrase Daesh.
[…] المعركة قائمة على عدّة جبهات ضد كلٍ من داعش وقوات الأسد معًا. إنها صعبٌة جدًا، لكنها لم تتوقف […] المخيم كان محتلًا لعامين ويقبع تحت الحصار. الناس فيه تموت من الجوع لكنه يقاوم حتى الآن. لم ينجح النظام في التقدم من قبل وهو يستخدم دخول داعش على الخط لتبرير تدميره بالكامل.
وفي استيضاحها، نشواتي، إن كان يقصد أن قوات الأسد انضمت إلى داعش “لتصفية المخيم” أجاب:
El día que entró ISIS al campo, aviones de Asad lanzaron durante horas entre quince y veinte barriles explosivos, además de decenas de cohetes. Todos se cebaron en zonas civiles, ni uno solo sobre las zonas por las que avanzaba ISIS. Es fácil de comprobar. Que estén oficialmente enfrentados no significa que no tengan objetivos comunes.
يوم دخول داعش المخيم، ألقت طائرات الأسد مابين 15 إلى 20 برميلًا خلال ساعة، بالإضافة لعشرات الصواريخ. كل هذه النيران كانت موجهة إلى المناطق المدنية، ولم تستهدف مناطق توسع قوات داعش. من السهل التحقق أن كلا القوتين هما رسميًا في حالة مواجهة لكن لا يعني أن ليس لهما أهداف مشتركة.
وفي فلسطين، عبرت كلٌ حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية عن شجبها الشديد لداعش وكررتا دعوة منظة الأونروا لتوفير مساعدات دولية. عقدت حماس اجتماع حاشد في غزة حضره المئات بالإضافة لممثلها الرسمي صلاح البردويل الذي تناولهم بالقول “للمرة الألف: ارفعوا أيديكم عن شعبنا، تلك الأيادي التي ذَبحت وقَتلت وجوّعت”. في الوقت نفسه، صرّح صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين في منظمة التحرير في حديث له عن “تقارير عن عمليات خطف وتقطيع رؤوس وقتل جماعي ترد من اليرموك، الذي يقبع تحت حملة وحشية من القتل والأحتلال على أيادي جماعة داعش الإرهابية وحلفائها”.
وأخيرًآ، عبّر ناشطون فلسطينيون وسوريون عن غضبهم عبر تويتر. الصحافية المستقلة رانيا خالق انتقدت تأخر رد الفعل الدولي عمّا يجرى في اليرموك:
Arabic media is talking about it nonstop, which isn't bad. But ppl have been trapped, starving & bombed in Yarmouk for years now.
— Rania Khalek (@RaniaKhalek) April 5, 2015
غطّت وسائل الإعلام العربية الأحداث بشكل متواصل، هذا ليس سيئًا، لكن الناس في اليرموك لازالت تحت الحصار والتجويع والقصف منذ سنين
عرض الناشط دانيال ويكمان، المقيم في لندن لمتابعيه 17 ألفًا قائمة بالجهات التي أساءت معاملة الفلسطينيين عبر السنين:
Israel occupies them, Assad starves them, Egypt blockades them, the US smiles and lets it happen, and now ISIS joins in the fun. #Yarmouk
— Daniel Wickham (@DanielWickham93) April 6, 2015
الإسرائيليون أحتلوا أرضهم، والأسد جوعهم، ومصر حاصرتهم، والولايات المتحدة تبتسم. ها هي داعش الآن تشاركهم المرح.
من دبي، جنان موسى، مع 88 ألف متابع، غرّدت تحت وسم #SaveYarmouk
Tragedy of Palestinian refugees in Yarmouk: 1st siege, then bombs, now ISIS. People need safe route out. #SaveYarmouk pic.twitter.com/XtVkanrP35
— Jenan Moussa (@jenanmoussa) April 5, 2015
مأساة فلسطينيي مخيم اليرموك: الحصار أولًا، ثم القنابل والآن داعش. الناس تحتاج لمخرج آمن.