حول حب وفهم مجتمعاتنا: الصحفية “ميليسا مونتالفو” في فريسنو، كاليفورنيا

وسط “فريسنو” وجبال سييرا نيفادا تطل من بعيد. أكثر من نصف سكان محافظة “فريسنو” لهم أصول لاتينية. صورة لـ “شيوباكا2101″ عبر ويكيميديا كومونز.

هذا المقال هو جزء من سلسلة بقلم “ج. ناثان ماتياس” رحلة الدراجة لأكثر من 800 كيلومتر في شهر يونيو/حزيران 2023، لجمع تبرعات لمشروع “رايزينج فويسز”، برنامج منظمة “جلوبال فويسز” المخصص للغات السكان الأصليين المهددة بخطر الانقراض وشبكة العدالة البيئية بكاليفورنيا الوسطى. للمبادرة انقر هنا.

ماذا يعني الوقوع في حب مكان ما ورؤيته بوضوح كيف هو في الواقع في آن واحد؟ عند جلوسي أمام “ميليسا مونتالفو”، صحفية في “فرينو بي”، أعتقد أنني عثرت على الإجابة.

عندما تعرفت على “ميليسا”، كنت في اليوم الثالث من الرحلة بالدراجة مع “إيفان سيغال” نحو الوادي الأوسط بكاليفورنيا، في اقتفاء خُطا مسيرة العمال الفلاحين لعام 1966.

الصحفية “ميليسا مونتالفو” في “فريسنو”، كاليفورنيا. صورة التقطها “إيفان سيغال” (CC BY 4.0).

للوصول إلى “فريسنو”، نزلنا ألفي متر من أعالي جبل “سييرا نيفادا” عبر وادي “يوكوتس”، حيث تحاول محافظة “فريسنو” معارضة قرار الدولة الصادر في يناير/كانون الثاني 2023 في تغيير الاسم العنصري لوادي “يوكوتس” (المعروف قديمًا باسم Squaw Valley، و”squaw” هو مصطلح لازدراء نساء هنود أمريكا)، وكنت أعرف ذلك لأن “ميليسا” كتبت مقالاً في هذا الموضوع من بين مقالات كثيرة عندما كنا نخطط لرحلتنا بالدراجة. في شهر مارس/آذار، عندما قررت تأجيل السفر بسبب وقوع فيضانات في المنطقة، كان مقال “ميليسا” حول خطط الإجلاء مصدر معلومات هامة، وعندما حاولت فهم إرث “سيزار شافيز” وحركة العمال الفلاحين في “فريسنو”، طالعت مقال “ميليسا” عن معارضة المحافظة لمبادرة البلدية بمليون دولار للاستثمار في التجارة المحلية وتغيير اسم الشارع تكريمًا للمنظم النقابي الشهير.

التقيت “ميليسا” في “كامبوس بوانت”، مركز تجاري وسوق للسلع الرخيصة والمستعملة أمام “كال ستايت فرينو”. على الرصيف اصطفت عائلات ذات البشرة السوداء والسمراء لتناول المثلجات ومشاهدة فيلم “سبيدر مان” (الرجل العنكبوت) الذي يعرض البطل الخارق الإفريقي اللاتيني “مايليز مورالس”.

كونها صحفية مزدوجة اللغة، تشارك “ميليسا” في نشر “La Abeja“، أسبوعية ذات مواضيع لاتينية تابعة لمنظمة Fresno Bee “محررة من طرف لاتينيين، وموجهة للاتينيين”. عندما سألتها عن La Abeja، يمكنني أن أقسم لكم أن المقهى سطع نوره بفعل بريق ضحكتها الحماسية. تكون عادة الإشعارات اليومية عبر البريد الالكتروني لمنظمة Fresno Bee (Bee تعني النحلة باللغة الإنجليزية) مليئة بالأخبار العاجلة، وغالبًا ما تعرض العنف والخطر والفساد، ولكن La Abeja بطيئة، أتاحت لي فتح نافذة على ثقافة الوادي الأوسط ونقاشاته على مدى طويل.

شرحت لي “ميليسا” أن La Abeja هي المحاولة الأخيرة لمنظمة Fresno Bee للوصول إلى الجالية اللاتينية الكبيرة جدًا في منطقة “فريسنو”. وفقًا لإحصائيات الولايات المتحدة الأمريكية، 54 بالمائة من سكان محافظة “فريسنو” إسبان أو لاتينيون، رغم كون غالبية تقارير المنطقة من صحفيين ذو البشرة البيضاء، يكتبون لجمهور متحدث باللغة الإنجليزية. باعتبارها نشرة مزدوجة اللغة، توحد La Abeja المجتمع من خلال اللغات والإرث المشترك.

انتقلت “ميليسا” من “لوس أنجلس” إلى “فريسنو” منذ عامين كصحفية في Report For America، برنامج يسمح للصحفيين الناشئين القيام بتقارير في المجتمعات، وعن المواضيع الأقل تغطية. أحبت عملها كثيرًا لدرجة أنها قررت البقاء، والأسبوع الذي التقينا فيه، كان الأول في عملها الجديد.

بينما كنا نتناول شرابًا منعشًا، حدثتنا “ميليسا” عن القصص التي تعجبها: “جوزيف ريوس”، الشاعر الجديد الفائز بجائزة American Book Award لمدينة “فريسنو” عام 2018، والأبحاث الاستقصائية الكبيرة حول الفساد، ومغنيو البوب المكسيكيين الذين أتوا إلى المدينة، وعمل “دافيد ماس” “ماسموتو”، الذي يسير مزرعة عائلية وأعاد ابتكار الزراعة المستدامة في الوادي وضمها في كتاب ذكريات رائع عن تاريخ الاستبعاد والتمييز في الوادي تجاه الأمريكيين من أصول يابانية.

رغم كون الصحافة المحلية في تراجع في الوادي الأوسط مثل أي مكان آخر، حدثتنا “ميليسا” عن شبكة الصحفيين لكل الوادي الذين تثق بهم عندما تقوم بالتقارير. تصف عمق فريق Merced Sun-Star والفريق المالي Modesto Bee واللعب الممتاز على تيك توك “سان لويس أوبيسبو تريبون”، كما حدثتنا عن برنامج “فريسنو ستايت” المخصص للصحفيين ذوي البشرة السمراء، الذي يدفع للطلاب لغاية خمس سنوات لتعلم الصحافة وكتابة قصص عن الوسط الشبابي The Know. تغطي “ميليسا” كذلك أخبارًا لصالح Central Valley News Collaborative، وهي مبادرة ذات أهداف غير ربحية أطلقت خلال جائحة كوفيد-19، تضم أربع وسائل إعلام مكتوبة ورقمية وإذاعية لتغطية أخبار الجاليات ذات البشرة السمراء.

عند سماع حديث “ميليسا”، تذكرت النقاشات عن مهمة الصحافة في الديمقراطيات. في كتاب “Why Democracies Need an Unlovable Press“، يؤكد “مايكل شودسون” أن الصحافة هو شيء أكثر من مصدر للأخبار والاستقصاء: يمد بالتعاطف الاجتماعي ويتحدث مع الناس “والآخرين في المجتمع والعالم، ليتيح له تقييم وجهات نظر وحياة الآخرين، لاسيما حياة المحتاجين”. رغم أن “شودسون” لم يخطئ، تنطلق فكرته عن التعاطف الاجتماعي من كون الصحافة من طرف من يمتلكون السلطة ولأجلهم.

لكن الصحافة هي مرآة أيضًا، متواجدة في يد “ميليسا مونتالفو” وصحفيين آخرين تابعين لمنظمة La Abeja، هي مرآة لمجتمع يتكون من غالبية سكان “فريسنو” ولكن تملك الأقلية السلطة، مجتمع يكافح لرؤية واضحة، والرؤية في المرآة جميلة.

لمعرفة المزيد عن تاريخ الرحلة، بما فيها أهدافها ومسار “إيثان” و”إيفان”، زر صفحتنا للتغطية الخاصة.

 

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.