كيف يسد الأفارقة الفجوة الرقمية اللغوية

خريطة تُظهر اللغات الأفريقية ومجموعاتها الأسرية. الصورة من SUM1 من ويكيميديا كومنز. مستخدمة بموجب رخصة نَسب المُصنَّف – الترخيص بالمثل 4.0 دولي.

لطالما شكلَّ نقص تمثيل اللغات الأفريقية الأصلية تحديًا. في الأعوام الماضية، تولى الأفارقة مهمة سد هذه الفجوة الرقمية، مدركين أهمية الحفاظ على تراثهم اللغوي وتعزيز المساحات الرقمية الشاملة.

مع عدد سكان يتجاوز 1.4 مليار نسمة في أفريقيا، يشير أطلس العالم أن نحو 6.5 مليون شخص منهم يتحدث باللغة الإنجليزية، و700 مليون لا يتحدثون بها. يشير ذلك لمواجهة نسبة كبيرة من الأفارقة لصعوبة في الوصول للمعلومات على الإنترنت بسبب حواجز اللغة.

من بين 7100 لغة مستخدمة في العالم، تُستخدم 28% في القارة الأفريقية وحدها، ما يعكس تراثها وتاريخها الثقافي الغني. مع ذلك، يدعم العالم الرقمي في الغالب لغات مثل اللغة الإنجليزية، والصينية، واللغات الأوروبية ذات الأغلبية. قبل نحو 20 عام، كان 80% من محتوى العالم على الإنترنت باللغة الإنجليزية. في الوقت الراهن، تُقدر الدراسات الاستقصائية لتقنية الشبكة العالمية أن 54.9% من المواقع ذات لغات المحتوى المعروفة تستخدم اللغة الإنجليزية، فيما تُستخدم اللغات الأفريقية مثل التوي، والزولوية، والسواحلية، والأفريقانية، والكينيارواندية وغيرها، في أقل من 0.1% من المواقع الإلكترونية. رغم حدوث بعض التحسن في تمثيل اللغات الأفريقية على الإنترنت، ما زال هنالك فجوات كبيرة.

ما الذي يجعل هذا العمل مهمًا

العمل الجاري لمعالجة هذا التمثيل الناقص بالغ الأهمية، إذ أنه لا يحافظ على التراث الثقافي الأفريقي وحسب، لكنه يضمن أيضًا إمكانية ممارسة السكان الأصليين لحقوقهم الرقمية دون أي عوائق. تعتبر اللغات الأصلية بمثابة وسيلة لنقل المعرفة، والتقاليد، والهويات الفريدة المتجذرة بعمق في المجتمعات في أنحاء القارة. بجلب هذه اللغات للإنترنت، يحفظ الأفارقة نسيجهم الثقافي الغني للأجيال القادمة.

علاوة على ذلك، تعد معالجة الفجوة اللغوية الرقمية مهمة للغاية لتعزيز المساحات الرقمية الشاملة. يشعر الأفراد بالانتماء والتمكين في العالم الرقمي حين يستطيعون التواصل والوصول للمعلومات بلغتهم الأم. يتيح ذلك لهم المشاركة بصورة كاملة، والمساهمة بما لديهم من معرفة، والانخراط بطرق فعالة.

من خلال المبادرات والأنشطة التعاونية المبتكرة، يقطع الأفارقة شوطًا كبيرًا في معالجة التمثيل الناقص للغات الأصلية على الإنترنت، وتمكين مجتمعاتهم، وتعزيز التنوع اللغوي.

مشاريع التحول الرقمي اللغوية

قاد الأفراد، والمؤسسات، والحكومات الأفريقية العديد من مشاريع التحول الرقمي اللغوية لزيادة وجود اللغات الأصلية على الإنترنت. تضم مشاريع التحول الرقمي هذه، الموارد اللغوية كالمعاجم، والقواعد النحوية، والحكايات الشعبية، والأغاني، بجعلها متاحة على المنصات الرقمية. لعبت مؤسسات مثل مبادرة تقنية اللغات الأفريقية، وأكاديمية اللغات الأفريقية دورًا محوريًا في دعم هذه المبادرات. إضافة لذلك، ظهرت العديد من فروع ويكيميديا التي تركز على اللغات الأصلية في القارة. فروع ويكيميديا هي منظمات منتسبة لمؤسسة ويكيميديا، المؤسسة التي تضم ويكيبيديا والمشاريع الشقيقة لها. تضم فروع ويكيميديا ومجموعات اللغات تلك مستخدمي ويكيميديا من مجموعة لغة التوي، ومجموعة لغة الدغباني، ومجموعة لغة الغانغبي، ومجموعة لغة الهوسا، ومجموعة لغة التياب، ومجموعة اللغة السواحلية، ومجموعة لغة الفانتي، ومجموعة لغة الفرافرا. تنشئ هذه المجموعات نسخ من ويكيميديا بلغتهم وتساهم في إنشاء المحتوى باللغة الأصلية لكل منها. في مايو/أيار 2023، تعاونت مجتمعات ويكيميديا للُّغةَ الغانية لعقد مؤتمر مصغر للغة في غانا كما يظهر في هذه التغريدة التي نشرتها مجموعة ويكيميديا للّغةْ الدغباني:

تعاونت مجتمعات ويكيميديا للُّغةَ الغانية لعقد مؤتمر مصغر للغة.

الابتكار التقني

فتحت التطورات التقنية آفاقًا جديدة لمواجهة نقص تمثيل اللغات الأصلية على الإنترنت. يستفيد الأفارقة من الأدوات الرقمية، والتعلم الآلي، والذكاء الاصطناعي لتطوير خوارزميات معالجة اللغة وأنظمة الترجمة التلقائية. تساعد هذه الابتكارات في تجاوز الحواجز اللغوية، مما يسهل على الأفراد الوصول إلى المحتوى على شبكة الإنترنت بلغاتهم الأصلية والمساهمة فيه. على سبيل المثال، أطلقت شركة ليلابا لأبحاث الذكاء الاصطناعي تطبيقًا باسم “فولافولا”، يهدف لإثراء اللغات الأفريقية الأقل تمثيلًا.

كما أوضحت الرئيسة التنفيذية بيلونومي مويلوا ومديرة التشغيل جيد أبوت في مقابلة مع هيئة إذاعة جنوب أفريقيا، تخطط الشركة لاستخدام فولافولا في مختلف القطاعات كالقطاع المصرفي، والتعليمي، والصحي، مما يمكّن المستخدمين من التواصل مع ممثلي خدمة العملاء بلغتهم الخاصة.

التعهد الجماعي والمشاركة المجتمعية

يُسخّر الأفارقة قوة التعهد الجماعي والمشاركة المجتمعية لتعجيل تمثيل اللغات الأصلية على الإنترنت. تشجع المنصات الرقمية، منها مشاريع ويكيميديا، والحملات الرقمية، وحملات وسائل التواصل الاجتماعي مثل حملة رايزينج فويسز الرقمية للغات الأفريقية، المستخدمين للمساهمة في الترجمة، والنصوص، والتسجيلات بلغاتهم الأصلية.

على سبيل المثال، كما يظهر في التغريدة أدناه، يبحث مهندس برمجيات في غوغل عن مساهمين متطوعين للمساعدة في ترجمة كلمات بلغة الإيغبو:

معمل لهاتف جديد؟

التثقيف والوعي

تعزيز التثقيف والوعي باللغات الأصلية ضروري لمعالجة نقص تمثيلها على الإنترنت. تعمل المؤسسات، والبرامج التعليمية، والأنشطة اللغوية الأفريقية بتفانٍ لدمج اللغات الأصلية في المناهج الدراسية، وتطوير تطبيقات تعلم اللغة، وتنظيم ورشات لإحياء اللغات. تضم بعض تطبيقات تعلم اللغات الأفريقية، يو تاك، وأيكو أفريقيا، وديالوغ أفريقيا، وإزسان، ونكين. تُمكّن هذه المبادرات الأفراد من الانخراط بنشاط بلغاتهم الأصلية وترسيخ أهميتها في العالم الرقمي.

تريد تعلم لغة الهوسا عبر الإنترنت؟ سجل في تطبيق يو تاك من هذا الرابط وأحصل على خصم 50%. يمكنك أيضًا تعلم اليوروبا، والإيغبو بخصم 50% عبر هذا الرابط.

دعم وسياسة الحكومة

أقرت العديد من الحكومات الأفريقية بأهمية اللغات الأصلية وتمثيلها على الإنترنت. تضع الحكومات سياسات وتُخصص موارد لدعم الحفاظ على اللغة وإدماجها رقميًا. تشجع الحكومات، بالشراكة مع المجتمعات المحلية، والشركات الأكاديمية، والتقنية، على تطوير محتوى رقمي محلي ومنصات رقمية باللغات الأصلية. على سبيل المثال في 2020، سنَّ بونغينكوسي إيمانويل نزيماندي، وزير التعليم العالي، والعلوم، والابتكار في جنوب أفريقيا، إطار عمل للسياسة اللغوية لمؤسسات التعليم العالي الحكومية. يتمثل الغرض من هذه السياسة في توفير نظام لتطوير وتوطيد اللغات الأصلية مثل لغات المنح الدراسية، والتعليم والتعلم، والتواصل في مؤسسات التعليم العالي العامة، خصوصًا الجامعات، في جنوب أفريقيا.

يُعالج نقص تمثيل اللغات الأفريقية الأصلية على الإنترنت تدريجيًا من خلال الجهود الجماعية التي يبذلها الأفراد، والمؤسسات، والحكومات. يتبنى الأفارقة الابتكارات التقنية، ومشاريع الرقمنة اللغوية، والمشاركة المجتمعية لتمكين مجتمعاتهم والحفاظ على تراثهم اللغوي. يعزز التمثيل المتزايد للغات الأصلية على الإنترنت التنوع الثقافي، ويسهل مشاركة المعرفة، ويقوي الوجود الرقمي للمجتمعات الأفريقية على الصعيد العالمي. بمواصلة إعطاء الأولوية لهذه المبادرات، تضع أفريقيا الأساس لمستقبل رقمي أشمل، حيث يُحتفى بالتنوع اللغوي وتُسمع أصوات اللغات الأصلية.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.