جنوب أفريقيا وإسرائيل تتواجهان في محكمة العدل الدولية

نشر هذا المقال في الأصل على موقع صحيفة العربي الجديد بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني 2024. يُعاد نشر نسخة منقحة على موقع جلوبال فويسز كجزء من اتفاقية مشاركة المحتوى.

بدأت جنوب أفريقيا مواجهة قانونية تاريخية أمام محكمة العدل الدولية، بعد اتهام بارتكاب “أعمال إبادة جماعية” في حربها العشوائية على قطاع غزة. هذه القضية واحدة من ثلاث قضايا، من المحتمل أن تواجهها إسرائيل في محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، بسبب حملتها الوحشية ضد القطاع الفلسطيني المحاصر في غزة.

استهدف الهجوم الإسرائيلي المتوحش، المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية، وأدى حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 23210 شخصا في غزة – ثلثيهم من النساء والأطفال.

يتناول هذا المقال قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وما سيحدث خلال الإجراءات القانونية.

ماهو الفرق بين محكمة العدل الدولية و المحكمة الجنائية الدولية؟

غالبًا ما يتم الخلط بين محكمة العدل الدولية (ICJ)، والمحكمة الجنائية الدولية (ICC). محكمة العدل الدولية، التي تسمى أيضًا المحكمة العالمية، هي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، تأسست عام 1945 لفض النزاعات بين الدول.

تتعامل المحكمة الجنائية الدولية، الموجودة في لاهاي، أيضًا مع قضايا جرائم الحرب ضد الأفراد.

تتعامل لجنة محكمة العدل الدولية، المكونة من 15 قاضيًا – التي سيتم تعزيزها بقاض إضافي من كل جانب في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل – مع النزاعات الحدودية والقضايا المتزايدة التي ترفعها الدول، التي تتهم غيرها بانتهاك التزامات معاهدة الأمم المتحدة. يُنتخب كل قاضي مدة تسع سنوات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

مع ذلك، فإن المحكمة الجنائية الدولية هي المحكمة الجنائية الدولية الدائمة الوحيدة في العالم وتحكمها معاهدة دولية تسمى نظام روما الأساسي.

ما الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا؟

تدعي جنوب أفريقيا، في ملفها المكون من 84 صفحة، أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بقتل الفلسطينيين في غزة، مما يسبب لهم أذى عقليا وجسديا خطيرا، ومن خلال خلق ظروف معيشية “مصممة لتحقيق تدميرهم الجسدي”.
يسرد التقرير فشل إسرائيل في توفير الغذاء والماء والدواء والوقود والمأوى وغيرها من المساعدات الإنسانية الأساسية لقطاع غزة خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر. يشير الملف أيضًا لحملة القصف المستمرة التي دمرت جزءًا كبيرًا من القطاع، وأجبرت نزوح حوالي 1.9 مليون فلسطيني، وقتل أكثر من 23 ألف شخص وفقًا للسلطات الصحية في غزة.

تُنسب جميع الأفعال إلى إسرائيل، التي أخفقت بمنع الإبادة الجماعية وترتكب إبادة جماعية في انتهاك واضح لاتفاقية الإبادة الجماعية”، كما جاء في الملف، مضيفًا أن إسرائيل فشلت أيضًا في كبح التحريض على الإبادة الجماعية من قبل مسؤوليها، في انتهاك أيضًا للاتفاقية.

بينما تبت المحكمة في حكمها، طلبت جنوب أفريقيا أيضًا من المحكمة فرض إجراءات طارئة لوقف الانتهاكات المزعومة التي ترتكبها إسرائيل. وتهدف هذه التدابير المؤقتة إلى منع تفاقم الوضع حتى يتم إعلان الحكم النهائي.

ماهي اتفاقية الإبادة الجماعية؟

باعتبارها أول معاهدة لحقوق الإنسان في تاريخ الأمم المتحدة، فقد صادقت 153 دولة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. تعرّف الإبادة الجماعية بأنها “الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية”.
تشمل هذه الأفعال قتل أفراد من أي مجموعة مهمشة محددة، مما يسبب لهم أذى جسديًا أو عقليًا خطيرًا، فضلًا عن تدمير ظروفهم المعيشية. يشمل ذلك أعمالًا مثل منعهن من الولادة أو نقل أطفالهن قسرًا إلى مجموعات أخرى. جميع الدول التي وقعت على اتفاقية الإبادة الجماعية، ليست ملزمة فقط بعدم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية مطلقًا، بل أيضًا بمنعها والمعاقبة عليها.

ما هي النتائج المحتملة وماذا سيحدث بعد ذلك؟

جلسة الاستماع للدعوى ستنعقد بين 11 و12 يناير/كانون الثاني، وسيكون لكل من جنوب أفريقيا وإسرائيل ساعتين، في أيام منفصلة، لعرض قضيتهما، مع أو ضد إجراءات الطوارئ. لن تكون هناك شهادة شهود ولا استجواب. سيكون العرض التقديمي في الغالب عبارة عن حجج قانونية يقدمها مسؤولو الدولة وفرقهم من المحامين الدوليين.
يعد طلب اتخاذ تدابير الطوارئ خطوة أولى في قضية سيستغرق استكمالها عدة سنوات. يُطلق عليها رسميًا التدابير المؤقتة، والمقصود منها أن تكون نوع من الأوامر التقييدية لمنع تفاقم النزاع في أثناء نظر المحكمة في القضية بِرُمَّتها.
لن تتخذ المحكمة قرارًا نهائيًا بشأن مزاعم الإبادة الجماعية في جنوب أفريقيا إلا بعد جلسة الاستماع للقضية، التي من المحتمل أن تتم بعد سنوات. مع ذلك، وكون جلسات الاستماع هذا الأسبوع تتعلق باحتمال توفير إجراءات الطوارئ، فقد يستغرق الأمر أسابيعًا أو شهورًا لتقرير الحكم. غالبًا ما يمنح قضاة محكمة العدل الدولية مثل هذه التدابير، المتمثلة عمومًا بمطالبة الدولة الامتناع عن أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع القانوني.
أما بالنسبة للتدابير المؤقتة، فيتعين على المحكمة فقط أن تقرر ما إذا كانت ستتمتع بالولاية القضائية في البداية، وأن الأفعال موضع الشكوى ضمن نطاق معاهدة الإبادة الجماعية، وأي تدابير تقررها لن تكون بالضرورة المطلوبة من صاحب الدعوى.

ما هي النتائج المحتملة وماذا سيحدث بعد ذلك؟

يعتبر حكم محكمة العدل الدولية نهائيا وغير قابل للاستئناف. إلا أنها لا تستطيع تنفيذ قراراتها، حتى إذا قررت المحكمة عدم اتخاذ إجراء مؤقت، فيمكن لمحكمة العدل الدولية أن تقرر أنها لا تزال تتمتع بالولاية القضائية وتمضي قدما في القضية.
في حالة أوكرانيا، ورغم أن محكمة العدل الدولية أمرت روسيا بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا، فقد استمر الغزو الروسي. من غير الواضح الآثار الملموسة التي قد يخلفها حكم محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، ومن المرجح أن يساهم في عزل البلاد سياسيًا واقتصاديًا.
يعني قرار إسرائيل بالدفاع عن نفسها أمام المحكمة الدولية استطاعتها تقديم حجج قانونية تبرر أفعالها في غزة. من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي هذا التكتيك أيضًا لمزيد من الإدانة الدولية إذا خسرت القضية في نهاية المطاف وأدينت بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية. في الوقت نفسه، قدمت بوليفيا، مع جنوب أفريقيا وبنغلاديش وجزر القمر وجيبوتي، طلبًا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق منفصل في الوضع في فلسطين في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.