تُعد مارتا فييرا دا سيلفا من أفضل لاعبات كرة القدم في العالم، وهي تحمل الرقم القياسي للأهداف المسجلة في نهائيات كأس العالم حيث لعبت في ستة منها دفاعًا عن منتخب البرازيل لكرة القدم، كما لديها مسيرة مهنية تمتد لأكثر من عشرين عامًا على أرض الملعب؛ والآن بات اسمها يُطلق أيضًا على الجائزة السنوية التي تُمنح لأفضل هدف يُسجل في كرة القدم للسيدات.
أصبحت الرياضِيّة البرازيلية البالغة من العمر 37 عامًا أول شخص حي تُسمى جائزة فيفا على اسمه، وهي فئة جديدة ستنطلق لأول مرة عام 2025.
Legend. 👑🇧🇷#TheBest pic.twitter.com/cxSOrAAUkA
— FIFA Women's World Cup (@FIFAWWC) January 15, 2024
الأسطورة
حصلت مارتا أيضًا، مع حصولها على جائزة تكريمية، على جائزة خاصة خلال حفل الفيفا السنوي؛ جائزة تُمنح للاعبي كرة القدم الذين حققوا إنجازات بارزة خلال مسيرتهم الكروية. غيرت مسيرتها الوضع الوطني لكرة القدم النسائية في البرازيل للأبد.
قالت مارتا خلال خطاب شكر مؤثر باللغة البرتغالية:
Eu quero que, assim como estou enxergando essa homenagem, quero que todas as mulheres possam enxergar um futuro promissor, onde não seja direcionado somente ao futebol, ao esporte, mas a qualquer atividade. O que a gente busca diariamente é fazer com que o mundo seja melhor para todos, sem distinção, buscar igualdade, respeito. E deixo essa mensagem para todos que tem o poder de transmitir essa mensagem, que façam, porque as próximas gerações vão agradecer, assim como agradecemos a um Ronaldo, um Zagallo, um Pelé.
أود، وأنا أرى هذه الجائزة التكريمية، أن تتمكن جميع النساء من رؤية مستقبلٍ واعدٍ، ليس فقط في كرة القدم أو الرياضة، بل في جميع الأنشطة الأخرى. نتطلع كل يوم لجعل عالمنا مكانًا أفضل للجميع، دون تمييز، كما أننا نسعى لتحقيق المساواة والاحترام؛ وأنا أترك هذه الرسالة لكل من لديه القدرة على القيام بذلك، فليفعله، لأن الأجيال القادمة ستكون ممتنة لكم وشاكرة، تمامًا كما نمتن نحن لرونالدو وزاجالو وبيليه.
منذ عام 2019، أصبحت هناك قاعدة إلزامية لجميع أندية كرة القدم المشاركة في الدوري البرازيلي الممتاز تقضي بأن يكون لديها فريق نسائي. أُعلن العام الماضي، أنه بحلول عام 2027، سيتم توسيع هذه القاعدة لتشمل الأقسام الأربعة التي تلعب في البطولة البرازيلية.
من بين أندية الأقسام الثلاثة الرئيسة في كرة القدم البرازيلية اليوم، نادي واحد فقط تتولى رئاسته امرأة، هي ليلى بيريرا، لفريق بالميراس. في 17 يناير/كانون الثاني، دعت بيريرا لعقد مؤتمر صحفي حصري للصحفيات، وتجاهلت أولئك الذين اشتكوا من المبادرة، وطلبت منهم “ألا يكونوا هستيريين”. قالت خلال المقابلة:
Não pode ser normal. Ter uma mulher só na frente de um grande clube na América do Sul. Isto não é normal. Por que acontece? Porque sofremos diversas restrições que nos impedem de chegar aonde podemos chegar.
ليس من الطبيعي أن يكون هناك امرأة واحدة فقط ترأس ناديًا رئيسيًا في أمريكا الجنوبية. هذا غير عادي. لماذا يحدث ذلك؟ لأننا نعاني من عدة قيود تمنعنا من الوصول إلى ما يمكننا الوصول إليه.
رحلة مارتا
ولدت مارتا ونشأت في بلدة تدعى دويس رياخوس/رياتشوس، في ولاية ألاغواس شمال شرقي البرازيل، كان عدد سكانها آنذاك 11 ألف نسمة. هناك تعلمت لعب كرة القدم في الملاعب الترابية، وكانت الفتاة الوحيدة بين الفتيان، وقالت إنها كانت تفضل الحصول على كرة بدلًا من دمية.
هجر والدها العائلة عندما كانت طفلة رضيعة، وكانت والدتها تغادر في الخامسة صباحًا للعمل في المزرعة وتعود ليلًا، كما تذكر هي بنفسها في مقال نُشر على موقع The Players’ Tribune بعنوان “رسالة إلى نفسي الصغيرة”:
Whenever it rained, she would catch the water to help grow food for the family to eat back home. When she wasn’t on the farm, she’d head over to city hall, where she’d clean and serve coffee. So you never saw her that much. She never really got the chance to come to your games or watch you play.
كل مرة يهطل المطر، كانت والدتي تجمع الماء لتساعد في زراعة طعام تأكله الأسرة في المنزل. عندما لا تتواجد في المزرعة، تذهب لدار البلدية، حيث تقوم بالتنظيف وتقديم القهوة؛ لذلك أنتِ لم ترِها كثيرًا، إذ لم يتسنى لها أبدًا حضور مبارياتك، أو مشاهدتك تلعبين.
شُرعت كرة القدم النسائية في البرازيل عام 1983، أي قبل ثلاث سنوات فقط من ولادة مارتا. كانت هذه الرياضة محظورة على النساء، في بلد يعتبر نفسه “أرض كرة القدم” لأكثر من أربعين عامًا؛ حيث قضت الديكتاتورية التي كانت قائمة في عام 1941 بعدم السماح للنساء بممارسة الرياضة في “ظروف تتعارض مع طبيعتهن”، بحجة أن ذلك قد يؤثر على قدراتهن في أن يصبحن أمهات وربات بيوت.
في الرابعة عشرة من عمرها، استقلت مارتا الحافلة، وغادرت مسقط رأسها متجهة إلى ريو دي جانيرو، لتسلك طريقًا قادها إلى المشاركة في العديد من الاختبارات التجريبية بأحذية مستعملة “كبيرة الحجم، ومحشوة بالصحف عند إصبع القدم لجعلها مناسبة”؛ لتصبح رياضية محترفة تلعب في الملاعب الدولية حيث يرتدي المشجعون قمصانًا تحمل اسمها فوق الرقم 10. القميص رقم 10 قميص ارتداه بعض نجوم كرة القدم الرجالية على مستوى النادي، أو المستوى الوطني، مثل بيليه ورونالدينيو ودييغو ومارادونا ومسعود أوزيل وليونيل ميسي.
لعبت مارتا في فرق في ريو وبيلو هوريزونتي، وتلقت دعوة للعب في السويد؛، وهي تلعب حاليًا في أورلاندو برايد في الولايات المتحدة.
في عام 2006، فازت بجائزة فيفا لأفضل لاعبة في العالم للسيدات للمرة الأولى، ثم كررت هذا الإنجاز خمس مرات متتالية (2007، 2008، 2009، 2010 و2018). كما لعبت قلب هجوم في منتخب البرازيل في ست نهائيات لكأس العالم – آخرها في عام 2023 – وسجلت رقمًا قياسيًا مع 17 هدف، وفقًا لموقع الاتحاد الإلكتروني:
…more than any other player – regardless of gender – in the history of the World Cup. She is also one of only three players to have scored at five World Cups, along with Christine Sinclair and Cristiano Ronaldo.
…أكثر من أيّ لاعب آخر – بغض النظر عن جنسه – في تاريخ كأس العالم؛ وإحدى اللاعبين الثلاثة الذين سجلوا أهدافًا في خمس مباريات في نهائيات كأس العالم، إلى جانب كريستين سنكلير، وكريستيانو رونالدو.
في عام 2008، أطلق بيليه، الأسطورة البرازيلية، الذي يعتبره البعض أعظم لاعب في كل العصور والملقب “الملك”، على مارتا لقب “بيليه بتنورة”. في إحدى المقابلات، أشاد بالنجمة البرازيلية الصاعدة التي كانت ناشئة في ذلك الوقت:
Soube que mais de 60 mil torcedores foram prestigiar a seleção brasileira. Quem podia imaginar isso?
سمعت أن أكثر من ستين ألف شخص حضروا تكريم المنتخب البرازيلي. من كان يتخيل ذلك؟
بعيدًا عن الرياضة، أصبحت مارتا أيضًا مدافعة عن مساواة الحقوق. في كأس العالم 2019، وقفت بحذاء لا تظهر عليه أي علامة تجارية راعية. منذ ذلك الحين، وهي ترتدي أحذية تغطي علاماتها التجارية، ولا تُظهر سوى علامة وردية وزرقاء للمساواة بين الجنسين.
رفضت مارتا جميع العروض المقدمة من العلامات التجارية الرياضية لدعمها، لأنها اعتبرت أن المبالغ المعروضة عليها غير عادلة مقارنة بنظرائها من الرجال.
في عام 2019 أيضًا، دخلت مارتا الملعب مع أحمر شفاه باللون الأرجواني الداكن – إذ كانت إحدى العلامات التجارية لمستحضرات التجميل قد وقعت للتو عقد رعاية معها. هكذا، أصبح أحمر الشفاه الذي تتزين به في المباريات أمرًا مهمًا أيضًا.
أثناء نشأتها، كما ذكرت في مقال آخر في صحيفة Players’ Tribune، لم تكن هناك أي لاعبة تتخذها مثالًا أعلى في كرة القدم النسائية، لذلك أصبح ريفالدو، الذي كان أعسرًا أيضًا، مصدر إلهام لها.
لكن بالنسبة للأجيال القادمة، نأمل أن يتغير ذلك:
It makes me so proud that maybe there are kids out there watching me, and that it may inspire them to reach for the stars. That would mean the world to me. It would be more valuable to me than any titles or medals or trophies that I have won. Being someone little girls could look up to, someone who showed them their dreams could come true? Having an impact like that, having that as a legacy? That, to me, is all I could dream of.
(…)
We have come so far. And I am beyond excited to see where things go next.
يحدوني الفخرعندما أفكر بأن بعض الأطفال يراقبونني، وأنني ألهمهم للوصول إلى هدفهم. هذا يعني الكثير لي، أكثر من أي لقب أو ميدالية أو كأس فزت بها. أن أكون شخصًا ملهمًا يمكن للفتيات الصغيرات أن تتطلع إليه، شخصًا يُظهر لهن أن أحلامهن يمكن أن تتحقق؟ ألديك تأثير كهذا، تخيل أن يكون لديك هذا الإرث؟ هذا بالنسبة لي هو كل ما يمكن أن أحلم به.
(…)
لقد قطعنا شوطًا طويلًا؛ وأنا متحمسة جدًا لرؤية لأين ستمضي الأمور بعد ذلك.