كتب جوي بيتر هذه المقالة التي نُشرت أساسًا في موقع الإذاعة العامة الدولية في 28 آذار/مارس 2018، وأُعيد نشرها هنا كجزء من اتفاقية مشاركة المحتوى بين منظمة الإذاعة العامة الدولية والأصوات العالمية.
.ينطبقُ على كونسيلو لوبز دي باديلا صورة الطبيبة التي تتلقى أفضل تدريب طبي حيث أمضت 15 عامًا في موطنها فنزويلا تدرسُ الطب وتعملُ كطبيبة. وفي عام 2001، غادرت مرتفعات جبال الأنديز في بلدها الأصلي إلى الأراضي المُسطحة المتجمدة لجنوب ولاية مينيسوتا لقضاء ثلاث سنوات كباحثة في “مايو كلينيك”، أحد أكثر المراكز الصحية شهرةً في العالم، ولكن بعد أن كوّنت أسرة في أمريكا، لم تعد مطلقًا إلى فنزويلا، ولم تكن قادرة أبدًا على العمل كطبيبة.
وبالرغم من أنها أنهت فترة التدريب التخصصي الطبي في فنزويلا قبل سنوات، إلا أنه كان عليها أن تُنهي فترة تدريب تخصص طبي في أمريكا مجددًا إذا كانت ترغبُ في ممارسة طب العائلة ، وعلى مدى سنوات، كانت تكافح من أجل مطابقة تخصصها ببرنامج دراسي آخر، “كنتُ أتمنى عدم القيام بذلك، لكن في هذه المرحلة، هذا هو النظام”، تقول لوبيز.
وفقاً لتحالف ماساتشوستس لمناصرة المهاجرين واللاجئين (MIRA)، فإن هناك ما يقارب من 65,000 طبيب أجنبي غير مرخص في جميع أنحاء البلاد مثل لوبيز دي باديلا ممن لديهم التدريب والخبرة الطبية من بلادهم الأصلية، لكنهم غير قادرين على ممارسة الطب في أمريكا. وفي الوقت نفسه، يتوقع العديد من المؤسسات نقص الأطباء في السنوات القادمة. وتوقعت دراسة أجريت عام 2017 من قبل رابطة كليات الطب الأمريكية حدوث عجز في الأطباء يعادلُ 100,000 طبيبًا في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2030. ومع استمرار نمو المناطق المحرومة من الخدمة الطبية، تجدُ بعض الولايات أن الأطباء غير المرخصين والمدربين في الخارج هم جوهر حل المشكلة.
تساعدُ البرامج في لوس أنجلوس ومينيسوتا الأطباء مثل لوبيز دي باديلا على تخطي صعوبات ممارسة الطب — من اجتياز الامتحانات إلى الحصول على فترة التدريب التخصصي الطبي، وفي المقابل، يتعهدُ المشاركون بتقديم الرعاية في المجتمعات المحرومة من الخدمة الطبية. تنظرُ ولاية ماساتشوستس وغيرها من الولايات إلى هذه البرامج كنماذج لتسهيل الطريق على الأطباء المدربين دوليًا والتخفيف من حدة نقص الأطباء.
في حين أن 9 من كل 10 من طلاب الطب الذين تدربوا في أمريكا يُقبلوا في فترة التدريب التخصصي الطبي هنا، فإن نصف عدد الخريجين المدربين في الخارج مثل لوبيز دي باديلا لا يحدث لهم ذلك، وهذا وفقًا لبرنامج التوافق الوطني فيما يتعلق بفترة التدريب التخصصي الطبي. وفي نفس الوقت، ارتفع عدد مواقع فترة التدريب التخصصي الطبي الأمريكي بشكل محدود منذ أن حدد الكونجرس مستويات لتمويله قبل أكثر من 20 عام.
يواجه الأطباء المدربون في الخارج في أكثر الأحيان ثلاث مشاكل رئيسية. أولًا، تبحثُ برامج فترة التدريب التخصصي الطبي بشكل عام عن الأطباء الذين تخرجوا من الكليات الطبية في حدود الخمس سنوات الماضية. ثانيًا، ترغبُ العيادات والمستشفيات الأمريكية في أن يكون لدى مرشحيها سنة واحدة على الأقل من الخبرة السريرية في البلاد، بغض النظر عن مدى الخبرة السريرية التي قد يكون حصل عليها المتقدم في الخارج. ثالثًا، يتعينُ عليهم الدراسة والحصول على درجات عالية في عدة امتحانات لاختبار الرخصة الطبية الأمريكي، توجد كل هذه الخطوات لأنه لا توجد هيئة دولية لاعتماد الكليات الطبية في أنحاء العالم.
يقولُ جو نيكرهام، المتحدث باسم اتحاد المجالس الطبية للولايات: “تختلفُ جودة التدريب الطبي من دولة إلى دولة”.
أدركت لوبيز دي باديلا، التي تعملُ حاليًا كمساعدة باحث في مختبر علاج الجين العضلي في مايو كلينك، بأن وجود هذه المُتطلبات قد يكون بسبب أن لدى مقدمي الرعاية الصحية في أمريكا المخاوف حول هوية مَن يحضرون إلى النظام. ولكنها أيضًا تتساءل أين هو الحد الفاصل لتعلم نفس الأشياء مرةً أخرى, “كونك في التدريب نفسه، من وجهة نظري، هو مضيعة لوقتك وليس الاستخدام الأمثل للموارد”، أضافت لوبيز.
تحاولُ البرامج في ولايتي كاليفورنيا ومينيسوتا مساعدة الأطباء المولودين في الخارج اجتياز ذلك النظام. في العقد الأخير، ساعد برنامج الدراسات العليا الطبي الدولي (IMG) في جامعة كاليفورنيا/ لوس أنجلوس 117 طبيبًا ممن تدربوا في الخارج على مطابقة تدريبهم في برامج التدريب التخصصي لطب العائلة.
قال باتريك داولنج، الذي شارك في تأسيس برنامج جامعة كاليفورنيا/ لوس أنجلوس في عام 2007، أنه يعيش في الولاية حوالي خمسة ملايين مواطن ممن لا يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة و 15 مليون من أمريكا اللاتينية. وقد زاد الطلب على الأطباء الناطقين بالإسبانية بشكل ملّح.
وفي الوقت نفسه، عرف داولنج وزملائه أطباء مولودين في الخارج ممن لديهم المؤهلات، ولكنهم تركوا الطب للعمل في مجالات أخرى، يقول داولنج: “وجدنا مجموعة كبيرة من [الأطباء المدربين في الخارج] يعملون في وظائف متدنية، من البناء إلى ماكدونالدز إلى الحراسة إلى الصرف الصحي”.
تدعمُ أموال المؤسـسة برنامج الدراسات العليا الطبي الدولي في جامعة كاليفورنيا/ لوس أنجلوس (UCLA's IMG). إنه برنامج انتقائي، يقدرُ داولنج أنه يقبلُ 12 من بين 100 إلى 150 متقدم سنويًا، ويجب أن يكون جميعهم من المقيمين الدائمين.
غير أن داولنج قال أن مكافأة المُسجلين هو الخبرة العلمية المكتسبة في العيادات ورسائل التوصية التي يمكنُ الحصول عليها من البرنامج. في حالات عديدة، يراقبُ الأطباء المدربون في الخارج الأطباء الذين يمارسون الطب للحصول على سنة واحدة من الخبرة السريرية اللازمة في طلبهم لفترة التدريب التخصصي الطبي بدلًا من معالجة المرضى مباشرةً. في هذه الحالات، يقتصر عمل الأطباء المدربين في الخارج على المراقبة لأنهم ليسوا مرخصين للعمل لمعالجة المرضى. في المقابل يمكنُ لأولئك الذين يحملون شهادات أمريكية حال تخرجهم من كليات الطب ويحتاجون فقط إلى فترة التدريب التخصصي من ممارسة الطب بشكل مستقل.
بدأ برنامج مينيسوتا للدراسات العليا الطبي الدولي في عام 2015، وقد ساعد الأطباء المولودين في الخارج في الحصول على التدريب الطبي والاستعداد لامتحانات المجلس، كما أن الولاية تديرُ برنامجًا يمول أربعة مواقع للتدريب التخصصي الطبي للأطباء المدربين في الخارج في منطقة مينابولس وسانت بول.
قالت يندي أندرسون، منسقة البرنامج، أن عدد مواقع التدريب التخصصي الطبي سيزيد إلى ستة هذا الصيف. بعد فترة التدريب التخصصي الطبي، سيطلبُ من كل طبيب قضاء خمس سنوات في إحدى مناطق الولاية التي تعاني من نقص الخدمة الطبية، حيث يزداد النقص في الأطباء. حتى الآن، لم يكمل أحد فترة تدريبه التخصصي الطبي.
وحصلت لوبيز دي باديلا على جانب أخر على مساعدة من برنامج مينيسوتا للتسجيل في ثلاث مناوبات لعيادات مجتمعية. وتدرسُ حاليًا لتقديم الامتحانات وتراقبُ طبيبًا في عيادة صحية مجتمعية.
أمام هذه العقبات الهائلة، يستسلمُ بعض الأطباء المدربين في الخارج. وهذا ما فعلته عفسانة مرادي بعد حوالي عشر سنوات من المحاولة. وصلت أولًا إلى بوسطن من إيران في عام 2007 لتكون مع زوجها وعائلتها، وفي ذلك الوقت، كان لديها سبع سنوات من الخبرة ما بين الدراسة الطبية والعمل كطبيبة في منطقة قم التي تقع 80 ميلًا جنوب غرب طهران.
وبعد الانتقال إلى بوسطن، قالت مرادي أنها أمضت خمس سنوات تقريبًا تدرسُ للحصول على امتحانات المجلس الطبي المطلوبة. وعلى مدى الأربع سنوات التالية، قدمت إلى مئات مواقع التدريب التخصصي الطبي. وركزت في الأساس على مراكز التدريب لتخصص الطب الباطني، ولكنها سرعان ما أضافت مجالات أخرى مثل الطب النفسي.. “قدمتُ إلى أي شيء وكل شيء فعلًا”، تقول مرادي.
كما أنها تراقبُ أكبر عدد ممكن من الأطباء، وأمضت عند مرحلة معينة ستة شهور تسافرُ ثلاث ساعات يوميًا لمدينة ورســستر في ولاية ماساتشوستس للتطوع في مستشفى سانت فينست.
تشغلُ مرادي اليوم ثلاث وظائف بدوام جزئي كمدرسّة لطلبة المساعدة الطبية وباحثة طبية في رابطة الرعاية الصحية التابع لكامبريدج وعاملة اجتماعية في المكتبة العامة لمنطقة سمرفيل.
استسلمت مرادي العام الماضي بعد أربع سنوات مضنية ومحبطة من التقديم لمواقع التدريب التخصصي الطبي، ولا تعتزمُ في بدء المحاولة مجددًا. وتعزو سبب حجم الرفض إلى العدد القليل من أماكن التدريب التخصصي الطبي الأمريكي التي لا تتماشى مع الطلب على طلبة الطب، تقول مرادي: “كم عدد المرات التي تريد فيها الحصول على الرفض؟”، وأضافت: “لا أرى جدوى من ذلك”.
ولكنها أيضًا أخبرت قصتها لعضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ماساتشوستس، جيسون لويس، وهو ديمقراطي يمثلُ المناطق الشمالية من بوسطن الكبرى. كفل لويس مشروع قانون لتأسيس لجنة للولاية لدراسة العقبات والوسائل المتاحة أمام الأطباء المدربين في الخارج، وقال لويس: “في ماساتشوستس، وعلى الرغم من أنه لدينا نظام رعاية صحية على مستوى عالمي، إلا أنه ما زال لدينا عدة ثغرات حيث يجد مرضانا صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية أو يضطرون إلى الانتظار لمراجعة طبيب”، وأضاف، “إن إيجاد مسارات للأطباء غير المرخصين والمدربين في الخارج قد يخفف من هذه المشاكل.
حتى الآن، مرّر مجلس الشيوخ/الكونغرس مشروع قانون لويس، وإذا تم منحه التشريع الكامل وتوقيعه إلى قانون، فسيكون لدى اللجنة سنة كاملة للخروج بتوصيات لتقديمة إلى السلطة التشريعية للولاية.
ومع ذلك، سيستغرق هذا الإجراء وقتًا بطبيعة الحال، قالت إيمي جراندر، مديرة الشؤون التشريعية لتحالف ماساتشوستس لمناصرة المهاجرين واللاجئين، أن لجنة مشابهه أدت إلى تأسيس برنامج مينيسوتا الدولي للدراسات العليا الطبية، وأكدت على أن أصحاب المصالح في هذا المجال مثل هيئات إصدار التراخيص الصحية سترغبُ في التأثير على التغييرات المستقبلية.
قالت جراندر: “سترغبُ في وجود كل المعنيين في الغرفة ممن لديهم اعتراض”، وأضافت أنهم بعد ذلك “سيكتشفون معًا كيفية معالجة هذه المشكلة.
ومن جانبها قالت مرادي أنها تأملُ أن تجد ولايتها الوسائل لتخفيف العبء عن الأطباء المدربين في الخارج، حتى وإن لم ينجح الأمر معها:
“يتعلقُ الأمر بالتقليل من شأن القوانين المُتبعة، لا نريدُ ذلك” وأضافت، “يتعلقُ الامر بالاستفادة من الأشخاص المؤهلين فعلا”