الصين: كشف تقرير مسرب لتستر الحكومة على القمع الممارس ضد الأيغور

صور لأفراد من الأيغور المحتجزين في معسكرات الاعتقال الصينية المخصصة لاحتجاز الأيغور، والمجموعات التركمانية المسلمة الأخرى. لقطة من قناة بي بي سي نيوز على يوتيوب. مستخدمة بموجب الاستخدام العادل.

كان الحزب الشيوعي الصيني يُحكم سيطرته على الوصول للمعلومات حول التطورات الجارية في تركستان الشرقية (سنجان أو  شينجيانغ بالنسبة للصين). المنطقة موطن للأيغور، وغيرهم من الأقليات التركمانية المسلمة. ردًا على أحداث العنف العرقية في أورومتشي في 2009، والهجوم الإرهابي في كونمينغ في 2014، وضعت السلطات سياسات قمعية ضد هذه المجموعات، وألقت عليهم اللوم في حدوث الاضطرابات. مُنع الصحفيون والسياح الأجانب من زيارة المنطقة. في ظل تلك الظروف، كانت الوثائق المسربة المصدر الوحيد للمعلومات الموثوقة والبديلة. توضح حدة ردة فعل السلطات على حوادث التسريب مستوى سيطرتها على الوصول للمعلومات حول ما يحدث بالضبط في المنطقة.

وفقًا لوثيقة رسمية مسربة حديثًا من الصين، أرسلها مصدر مجهول للكاتب، صدم تقرير لإذاعة آسيا الحرة في 2018 حول وفاة شخص مُسّن في كاشغر المحافظة، بأكملها وأثار رد فعل قوي من السلطات المحلية. تعد الوثيقة المسربة انعكاسًا نقدي قدمته لجنة حزب المقاطعة حول تسريب المعلومات لإذاعة آسيا الحرة. يعود تاريخ الوثيقة إلى 11 مارس/آذار 2018.

الصفحة الأولى من التقرير المسرب، المقدم من مصدر مجهول للكاتب.

يتضح من التقرير المسرب أن جميع مسؤولي مقاطعة يوبورغا، حيث وقعت الحادثة، كانوا قلقين وتعاملوا “بحزم” مع “حادثة التسريب”.

صدرت أخبار إذاعة آسيا الحرة المذكورة في الوثيقة في 8 مارس/آذار 2018 وكشفت أن الرجل المسن المنتمي للإيغور، 80 عام، توفي تحت جدار انهار بفعل أعمال تجديد نفذتها الحكومة المحلية.

استشهد مقال إذاعة آسيا الحرة في 2018 بالمعلومات التي قدمها المستشفى المحلي وذكر أن العامل المساهم في الوفاة كان عدم وجود أطفاله في المنزل، بسبب نقلهم لمعسكرات إعادة التعليم في الصين. في الوثيقة المسربة، تطرق المسؤولون لصحة أخبار إذاعة آسيا الحرة قائلين:

在拆旧房村容村貌整治工作中,没有按照“拆旧房提前向村党工委报告”的要求,造成伤亡事故,给“三股势力”境外舆论炒作留下了口实.

حصلت الوفاة لعدم التزامهم بشرط تقديم تقارير مسبقة للجنة عمل حزب القرية أثناء أعمال هدم المنازل القديمة وتحسين مظهر القرية، مما أسفر عن وقوع إصابات وحوادث، الذي أصبح ذريعة “للشرور الثلاثة” للترويج للرأي العام خارج البلاد.

تسلط الوثائق المسربة الضوء على جهود السلطات الصينية الشاملة والمكثفة للتستر على القمع الممارس ضد الإيغور، وتقييد وصول وسائل الإعلام الدولية للمعلومات.

الندم، والاعتذار، والعقاب

أُرسلت الوثيقة للكاتب من مصدر مجهول. ثمة عدة عوامل تثبت صحتها. الأول، محتواها المتطابق مع أخبار إذاعة آسيا الحرة. الثاني، صدرت الوثيقة في 11 مارس/آذار 2018 — قبل تاريخ الأخبار بثلاثة أيام. الثالث، كُتِبت بالمصطلحات والصيغة البيروقراطية التي يستخدمها الحزب.

اعتذرت لجنة الحزب لسلطات المحافظة بعبارات يطغى عليها الأسف والذنب، لأنها سمحت بتسريب ما يرون بأنه معلومات سرية. وفقًا لروايتهم، عقدت الحكومة المحلية اجتماع تعبئة للسلطات على مستوى المقاطعة في 9 مارس/آذار 2018 خلال منتصف الليل، وبدأت التحقيق في حادثة التسريب على الفور.

أجرت 4 فرق عمل مختلفة، تتألف من 171 شخص، عملية دامت يومين ضد جميع العائلات التي لديها علاقات خارجية في البلاد. فحصوا 328 هاتف منزلي، و171 هاتف مكتبي في يكشنبيبازار، المدينة التي تسربت منها الأخبار، وحللوا السجلات الهاتفية للأشهر 3 الماضية. اسْتُبْدِلَت جميع أرقام الهواتف التي اُسْتُخدِمَت لأكثر من 3 أعوام لمنع أي تسريبات أخرى. خضع جميع الذين تحدثوا مع مراسلين إذاعة آسيا الحرة وسربوا أخبار الحادثة للمساءلة “بموجب القانون”. لا يزال عدد الذين عُوقِبوا لتسريب الأخبار مجهولًا.

تتابع الوثيقة تعريف وشرح “أخطاء التسريب” كما يلي:

县委反复强调保密纪律, 要求,并对如何应对境外来电进行了明确,但仍有干部接听 境外电话或陌生电话,被套取涉稳相关信息, 直接反映出我县 一些乡镇、单位、部门落实地委关于保密纪律“两个一律”(对 境外电话或陌生电话一律不接,一律不说)工作不力,思想不 重视,传达学习安排不到位,政策棚架,让境外敌对势力有机 可趁,留下口实,造谣滋事.

أكدت لجنة حزب المقاطعة مرارًا على انضباط السرية وأوضحت كيفية التعامل مع المكالمات الخارجية، لكن ما زال هناك كوادر تستقبل مكالمات خارجية أو مكالمات مجهولة، وتُخْدَع لإفشاء المعلومات المتعلقة بالاستقرار. لم تكن الوحدات والإدارات فعالة في تنفيذ سياسة السرية “حظر جانبان” [منع تلقي المكالمات الخارجية والتواصل كليًا] التي تفرضها لجنة المحافظة، ما أدى لاستفادة القوات الأجنبية المعادية، وشكل مبررًا لنشر الشائعات وخلق المشكلات.

كما تتضمن الوثيقة دليلًا على تطبيق السلطات الصينية لسياسة “قطع الأربعة” ضد الأيغور والأقليات الأخرى. أشارت السلطات:

针对保密意识不强的问题, 县委再次强调, 地区的《关于严格规范落实职业技能中心人员准入和严守保密纪律的通知》要求. 但在落实上还有很大 差距… 断通联工作不彻底。..,一件意外事故, 在短短几个小时的时间内就被境外利用并在网上炒作煽动,说 明“断通联”隐息还很多….. , 给我们抓深抓细抓实“四断”又敲 响了警钟…

رداً على مشكلة ضعف الوعي بأهمية السرية، شددت لجنة حزب المقاطعة مجددًا على أوامر “الحفاظ على سرية قواعد ولوائح مراكز التدريب المهني”. …لكن ما زال هنالك عجز كبير… لم يكتمل العمل على “قطع الاتصال”…، دقت الحادثة، التي اسُتخدمت في الخارج، وأثارت جدلًا على الإنترنت في بضع ساعات، ناقوس الخطر لندرك بشدة وانتباه ونستوعب سياسة “قطع الأربعة”.

يشير أمر “قطع الأربعة” للسياسة التي تملي: “قطع ذريتهم، وقطع جذورهم، وقطع علاقاتهم، وقطع أصولهم”. ظهر هذا الأمر في وثائق أخرى سُرِّبت من الصين. يراها المجتمع الدولي كأحد أقوى الأدلة على الاستهداف الممنهج للأيغور، الذي يصنفه بعض الخبراء على أنه إبادة جماعية.

عبر هذه الوثيقة، يعتذر مسؤولو مقاطعة يوبورغا لمكتب الحاكم لعدم بذلهم جهدًا كافيًا لقطع اتصالات الأيغور وأعربوا عن عزمهم لتصحيح هذا “الخطأ”.

سياسات صارمة لاحتواء المعلومات

منذ 2017، كان الأيغور وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية المقيمين في تركستان الشرقية عرضة للاحتجاز القسري، والمراقبة المكثفة، والعمل الجبري، والتعقيم القسري، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان. أُرسِّل أكثر من مليون شخص من الأيغور، والأقليات الأخرى إلى معسكرات الاعتقال. أشار تقرير للأمم المتحدة في 2022، أن السياسات الصينية قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.

إليكم مقطع يوتيوب عن قمع الحكومة الصينية للأيغور.

كاشغر هي محافظة يقطنها 4.5 مليون نسمة. يبلغ عدد سكان مقاطعة يوبورغا في كاشغر نحو 200 ألف نسمة. كانت أخبار وفاة ذلك الرجل المسِّن عادية مقارنةً بالأخبار الأخرى المنشورة في إذاعة آسيا الحرة، عادية لدرجة أنها لم تُترجم للإنجليزية ولم تُعرف على الصعيد الدولي. لو أن أخبارًا عادية كهذه أثارت ردة فعل السلطات بهذا الشكل، فأنه يصعب تخيُّل آثار الأخبار العاجلة التي نقلتها إذاعة آسيا الحرة فيما مضى.

يُترك المرء ليتساءل عما حدث عندما أفادت وكالة الأنباء أن 120 ألف من الأيغور اُحتجزوا في معسكر في كاشغر، أو حين اُكتُشف موقع 5 معسكرات في غولجا لأول مرة، أو عند وفاة 156 شخص في معسكرات في كوتشا. لا شك في أن تلك التقارير جعلت المسؤولون أكثر توترًا. السؤال هنا هو ما الجهات المسؤولة المتأثرة، وعدد السلطات المشاركة في تحقيقات المتابعة، وعدد الأشخاص الذين عوقِبوا في هذه المجتمعات لتورطهم.

أيًا كان السبب وراء رد الفعل القوي لحزب مقاطعة يوبورغا إزاء حادثة التسريب، المغزى من الوثيقة جلي للمجتمع الدولي. يُظهر محتوى هذه الوثيقة جانب مظلم للغاية من الصين، قوة عالمية عظمى مرشحة تطمح لإقامة نظام عالمي جديد.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.