الجواب الأكثر يأسًا للحجر الصحي لكوفيد-19 في الصين: «نحن آخر جيل»

صورة من فيديو انتشر بشكل كبير في الصين

I am sorry, we are the last generation.

أنا آسف، نحن آخر جيل.

هذه الصورة التّي تظهر على هذا الفيديو المحظور، انتشرت بسرعة خلال الأيام الأولى من شهر مايو/أيار على شبكات التواصل الاجتماعي في الصين.

حسب تقارير عديدة لوسائل الإعلام، انتشر هذا الفيديو في شنغهاي، حيث بقي قاطنوها أكثر من شهرين في الحجر الصحي بسبب سياسة “صفر كوفيد” في الصين.

يظهر في الفيديو العديد من عمال رقابة الجائحة بصحبة الشرطة أمام باب بيت شاب وهم يطلبون من قاطني البيت حجز أنفسهم في مركز للحجر الصحي لمدة أيام عديدة. غير أنّ الشّاب رفض الحجر فلا أحد من عائلته بالمنزل أصيب بكوفيد-19. حذرته الشرطة قائلة إنّه إذا رفض الانصياع للأمر فإنّ العقوبة يمكن أن تمسّ ثلاثة أجيال لعائلته. أجاب الشّاب بكل هدوء: “أنا آسف، فنحن آخر جيل، شكرًا لاهتمامكم”.

هذا هو الفيديو الذّي نُشر على تويتر:

نحن آخر جيل، شكرًا.

اِعْتُبِر التّهديد بالعقاب لأجيال عديدة أمر طبيعي خلال حقبة ماوتسي تسونغ. في تلك الفترة، كان إذا اتُهم شخص باليمينية أو الرأسمالية، يحمل أبناؤه وسمًا عليه لقب “خونة الشّعب” ويعانون إقصاءً سياسيًا واجتماعيًا.

أثّر ردّ الشّاب على كثير من النّاس، فهو بدل أن يشعر بالتّهديد، دافع عن نفسه بهدوء قائلاً أنّه لن يكون له خلف.

يُعتبر في الثقافة الصينية عدم الإنجاب مثابة لعنة حيث يصبح وصمة عار في المجتمع. غير أنّ الصيغة الصريحة التّي تحدث بها الشّاب بخصوص ألا يكون لديه خلف، كان له صيت كبير على مواقع التّواصل الاجتماعي الصينية؛ فالعديد من المستعملين استخدموا وسم #这是最后的一代 (هذا جيل أخير) #我们是最后的一代 (نحن آخر جيل) #最后的一代 (آخر جيل) وهذا للقيام بتصريحات مُماثلة وبعث نقاش بخصوص تربية الأطفال في جوّ من التّعسف السياسي والاجتماعي:

确实很绝望,不想生了

بالفعل، فإنّ الحالة ميؤوسٌ منها وأنا لا أريد أيضًا أن يكون لي خلف.

其实是消极的抵抗,报复不了施害者,其实可以说 我三代都不放过你!

هذا نوع من المقاومة السّلمية. لا يوجد سُبل للانتقام من الفاعل. كيف يمكنه القول إنّ ثلاثة أجيال من العائلة ستعرف الصّيغة لتسوية الحساب!

بفضل سياسة صفر كوفيد، أصبحت العديد من المدن الصينية الكُبرى مثل شنغهاي وبكين تحت معدل ما يسمى بالحجر الديناميكي، حيث يتواجد مليون شخص مُحتجزين في شققهم أو مقاطعة إقامتهم، فالسلطات تفرض على النّاس القيام بتحاليل “البي سي آر” بصفة منتظمة وهم يواجهون شروط حجر صارمة. على سبيل المثال، إذا تم تحديد حالة واحدة من فيروس كوفيد في بناية، يُفرض على سُكانها اللّجوء إلى مراكز الحجر الصّحي، أمّا بالنسبة للأشخاص الذّين يعيشون مع الشّخص المًصاب أو كانوا على اتصال معه، يُجبرون على السماح للطّاقم الطّبي دخول بيوتهم للقيام بتعقيم واسع.

حملة تعقيم منزل بمقاطعة “دباي”

هناك تنديد واسع لعدم احترام الحرية وحقوق الإنسان الأساسية. ومع أنّه كُرّر مرارًا بأنّه سيتمّ التخفيف من قيود سياسة صفر كوفيد بعد الحجر الصحي التّعسفي في شنغهاي والذّي سبّب في ندرة المواد الغذائية وتوقف الموزعات وتشديد الرّقابة، إلاّ أنّ بكين لازالت تواصل التّشدّد في إجراءات مُراقبة الجائحة ووعدت بمُحاربة الانتقادات لسياسة الوقاية هذه.

في هذا المشهد المُماثل، هناك من يُترجم جملة “نحن آخر جيل” كمقاومة الأكثر يأسًا ضدّ الاستبداد. وقال البروفيسور زهانغ كسوزهونغ عبر حسابه على تويتر:

“نحن آخر جيل، شُكرًا!” هي عبارة مأساوية مشحونة بمشاعر اليأس، فالشّخص الذّي قالها، اتخذ قرارًا بيولوجيًا وهو عدم إنجاب أطفال مُعتبرًا أنّه حُرم من مُستقبل مرغوب فيه. إنّها المُقاومة الأكثر صلابة التّي يمكن القيام بها ضدّ هذا الزمن.

اختلفت الآراء قليلاً على موقع “ويبو” فالعديد من اعتبر أنّ هذا التّصريح ليس فعل مقاومة سياسية. ويشير أكثر تعليق شعبية إلى أنّ:

这不是恨,甚至不是抗争,更不是对其他国别或地域的无脑崇拜。

这是想以现在的身份为豪却连自己的基本权利都得不到保障的无奈,是希望这里变得更好但发现自己什么都改变不了的认命,是被威胁下一代人的命运时最苍白的自辩。

لا توجد ضغينة ولا مُقاومة ولا إجراءات عمياء خاصة في البلدان الأخرى.

إنّها عبارة تدلّ على الهوان فهو شعر باعتزاز هويته، ولكن سُلبت له جميع حقوقه الأساسية، إنّه نوع من قبول العجز من أجل مواصلة الطريق مع أنّه يأمل في الأحسن، إنّه دافع عن نفسه، عندما هدّدوه بالمصير الذّي ينتظر أطفاله.

يقول مستخدم آخر لموقع “ويبو”:

他甚至没有向外诉求,没诉求保障、没诉求改变、没诉求在不知情状况下被悄悄让渡的权利、没诉求那些白纸黑字写好却又肆意践踏的规则,他也没倡导、没大声疾呼,他只是轻轻地阐述自己,他只是悲哀又绝望地把刀尖朝向自己而已。

لم يُطالب بأيّ شيء، لم يطلب حماية ولا يبدو عليه نيات لتغيير أيّ شيء. لم يتحدث عن الحقوق التّي انتزعت منه شيئًا فشيئًا ولا عن الاتفاقيات الثابتة التّي قُذفت في القمامة. لم يُطالب ولم يُقاوم. لقد عبّر فقط عن رأيه بصفة هادئة، وكأنّه يطعن نفسه بالخنجر يأسًا.

شجّعت الحكومة الصينية المواطنين لإنجاب أطفال كثيرين في السنوات الأخيرة، لاسيما بعد هبوط معدل الولادات سنة 2020، مع أنّ الجهد يبدو لا فائدة له خاصة لعدم دعم المؤسسات الحكومية.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.