طاقة نظيفة وقليلة التكلفة للريف الهندي بفضل تكنولوجيا الطاقة الشمسية

A beneficiary is being trained on the installation and use of MSD in Tripura’s Bikrampur village. Image credit: NBIRT. Used with permission.

امرأة تتعلّم كيفية استعمال قبة الطاقة الشّمسية في قرية “بيكرامبور”. صورة من أن. بي. مؤسسة التكنولوجيا الرّيفية (NBIRT)، مستخدمة بترخيص.

تعتبر “أوشا راني داس” (Usha Rani Das)، امرأة في 98 سنة من مقاطعة “تريبورا“، المتواجدة في شمال غرب الهند، أنّ تواجد الكهرباء في المنازل كان بمثابة بذخ نادر طوال غالبية حياتها. في قريتها “بيكرامبور”، في أقصى مقاطعة “تريبورا” الغربية، كان غالبًا ما يخيم عليها الظّلام لفترات طويلة وغير مُحدّدة، بالرّغم من كونها مُرتبطة بالشّبكة الكهربائية التّقليدية.

98 year old Usha Rani Das from the remote Bikrampur village of Tripura flaunts a micro solar dome that brought a sea of change to her life. Image credit: NBIRT. Used with permission.

“أوشا راني داس”، 98 سنة، تعيش في قرية “بيكرامبور” النائية، بمقاطعة”تريبورا” تُظهر بفخر قبة الطاقة الشّمسية التّي جلبت الضّوء إلى حياتها اليومية. صورة من “إن. بي. إي آر. تي” بترخيص.

تتمتّع هذه المرأة التّسعينية بالضّوء بصفة غير مُتقطعة في منزلها. إنّها تكنولوجيا قبة الطّاقة الشّمسية (MSD) هي التّي أتاحت أن يكون ذلك مُمكنًا، هذه القبة المُزوّدة بضوء الطّاقة الشّمسية بصفة وفيرة والتّي غطّت قريتها بكاملها.

قالت “أوشا” لجلوبال فويسز في حوار هاتفي: “طوال حياتي، كان الضّوء يأتينا، على وجه الخصوص، من مصابيح الكيروسين تعمل عند غروب الشّمس، أما الآن فمنزلي هو مُضيء تمامًا”.

تموّل “دائرة العلوم والتّكنولوجيا” للحكومة الهندية هذه القبب الشّمسية في إطار برنامج جلب الكهرباء في المنازل الريفية النائية في الهند. تبلغ قيمة كل وحدة 2000 روبية (26 دولار) ولكن “دائرة العلوم والتّكنولوجيا” تُدعم 1500 روبية (19 دولار) وهكذا يدفع المُستفيدون فقط 500 روبية (6 دولارات).

تُعدّ “البانشيات” المحلية (مجالس القرية) قائمة المُستفيدين وتُعيّن العائلات المُحتاجة حسب وضعيتهم الاقتصادية وإمكانية حصولهم على الكهرباء.

نظام الإضاءة الفريد هذا من اختراع “الرّجل الشّمسي” الهندي “سانتيبادا غون شودوري” (Santipada Gon Chaudhuri). يوفر هذا الجهاز الذّي يزن 350 غرام، الضّوء طوال النّهار واللّيل؛ يوضع في سقف منزل المُستفيد ويحتوي على لوحين كهرو-ضوئيين باستطاعة 3 واط من كل جهة، ويلتقطان ضوء الشّمس ويحوّلانه إلى كهرباء.

A Micro Solar Dome (MSD) typically installed on the roof of a beneficiary home. Image credit: NB Institute of Rural Technology (NBIRT). Used with permission.

قبة الطّاقة الشّمسية وُضعت في سقف أحد المُستفيدين. صورة من “إن. بي. إي آر. تي” بترخيص.

على الرّغم من كون جميع القرى الهندية موصولة بشبكات الكهرباء بطريقة أو أخرى، لا تستفيد جميع المنازل من الكهرباء. حاليًا، 20% من الهنود لا يمكنهم الحصول على الكهرباء، أو يمتلكونها بصفة محدودة وبإمدادات غير مُنتظمة، أو جودة سيئة.

قال “غون شودوري” في حوار مع “جلوبال فويسز”: “هذا يعود لعدم قدرة الكثير من العائلات تسديد فاتورة الكهرباء، لذلك تختار عدم ربطها بالشّبكات الكهربائية أو لأنّها تتواجد في مناطق مُنعزلة من القرى حيث جلب وإبقاء وتصليح الخطوط الكهربائية وتوزيع الكهرباء مُكلّف جدًا”.

بهذه الطّريقة تضع قبب الطاقة الشّمسية الضّوء في مُتناول عائلات لم يكن لها إمكانية الحصول عليها من قبل. تمّ تطوير هذا المشروع المُقدّر بحوالي 110 مليون روبية هندي (1.4 مليون دولار) من قبل “إن. بي. المؤسسة الريفية للتّكنولوجيا” (NBIRT) وهي هيئة بحث يشرف عليها “غون شودوري” الذّي يعمل بالطّاقات المُتجدّدة بالتّعاون مع “المؤسسة الهندية للتكنولوجيا” (Indian Institute of Technology) (IIT خراغبور).

Beneficiaries in West Bengal’s Surgidanga village photographed working under MSD light. Image credit: NBIRT. Used with permission.

بعض المستفيدين من قرية “سورجيدانغا” ببنغالا الغربية، تمّ تصويرهم وهم يعملون بضوء جهاز قبة الطّاقة الشّمسية صورة من “إن. بي. إي آر. تي” بترخيص.

منذ عام 2019، تمّ وضع قبب الطّاقة الشّمسية في حوالي 44 ألف منزل في 12 مُقاطعة هندية.

يتكوّن جهاز قبة الطّاقة الشّمسية من قُبتين نصف كُروية من مادة الأكريليك الشّفاف، حيث تلتقط القبة العليا ضوء الشّمس الذّي يمرّ عبر هيكل أنبوبي مُجوّف يُسمى “الأنبوب الشّمسي”. جدرانها مُغطاة بمادة عاكسة للضّوء يُمكنها إضاءة غرفة مُظلمة خلال اليوم.

تحت القبة السّفلى توجد فتحة يُمكن غلقها عندما لا توجد ضرورة لإشعال الضّوء.

القبة السّفلى مُجهزة بصمّام ثنائي باعث للضوء “LED” للاستعمال اللّيلي. تضيء هذه الصّمامات الثّنائية بفضل بطارية من الأيون الليثيوم ذات جهد كهربائي 7.4 فولط و4.4 أمبير في السّاعة، وتُشحّن بفضل ألواح شمسية توضع على سقف البيت. يمكن لجهاز الإضاءة ذات الطاقة 3 واط (ما يعادل مصباح متوهج ذات طاقة 40 واط) العمل لمدة 60 ساعة تقريبًا.

يحتوي الجهاز أيضًا على منفذ USB لشحن الهواتف النّقالة. بالتّناوب، يمكن للجهاز أن يوصل بالشّبكة التّقليدية للإضاءة اللّيلية.

في حوار عبر البريد الالكتروني، أجرته “جلوبال فويسز” مع “بريادارشي باتنائيك” أستاذ العلوم الإنسانية والاجتماعية ومدير فريق البحث حول قبب الطاقة الشّمسية في “المؤسسة الهندية للتكنولوجيا”، بخصوص الإنجاز الذّي قامت به “إن. بي. المؤسسة الريفية للتّكنولوجيا” (NBIRT)، أنّ دور “المؤسسة الهندية للتكنولوجيا”: “هو جعل المنتج في متناول المستفيدين”.

A child from West Bengal’s Kharujhor village pictured studying under MSD light. Image credit: NBIRT. Used with permission.

طفل من قرية “خاروجهور” ببنغالا الغربية، يدرس بضوء جهاز قبة الطّاقة الشّمسية. صورة لـ “إن. بي. إي آر. تي” بترخيص.

قام الفريق بتكوين المستفيدين حول كيفية استعمال الجهاز وشرحوا لهم كيفية مساعدته لتغطية حاجياتهم. يشرح “باتنائيك”: “الغاية كانت في نشر والاطلاع على الأجوبة لتحديد الاستراتيجيات التّي يمكن جعل قبب الطّاقة الشّمسية مقبولة في سياقات وثقافات مختلفة”.

أتاحت هذه التّمرينات تغيير حياة الكثير من الأشخاص في هذه القرى النّائية، أمثال “باهاموني مورمو” من قرية “سورجيدانغا المُحيطة بالغابات في مقاطعة “بانكورا” ببنغالا الغربية، الذّي يتمكّن الآن من العمل بعد غروب الشّمس ومضاعفة دخله. قال “لجلوبال فويسز” عبر الهاتف: “أعمل في قطع أشجار الغابات خلال النّهار، وفي اللّيل، مع تواجد الضّوء أصنع المكانس أو السجاد ويمكنني بيعها خلال اليوم التالي”.

من جهة أخرى، تبدو “سوكوموني تودو”، من قرية “خاروجهور” بالمقاطعة ذاتها، سعيدة وهي ترى أبناءها يدرسون حتى ساعة متأخرة من اللّيل بضوء جهاز قبة الطّاقة الشّمسية. قالت: “يمكننا أيضًا شحن الفانوس أو إضافة مصباح بصمّام ثنائي باعث للضوء “LED” باستطاعة 1 واط في منزلنا بفضل منفذ USB ذي المداخيل المتعددة.

كما أضاف الفريق التقني تغييرات حديثة من أجل تغطية حاجيات القرويين مثل إدماج في الجهاز راديو “أف.أم”، والتّي تعدّ ضرورية جدًا للقرى لاسيما تلك المُعرضة للكوارث الطبيعية في المقاطعة المُحاذية لإقليم “أوديشا” والتّي تساعدهم في استقبال التحذيرات مسبقًا بخصوص الطوارئ، كما يذكره “باتنائيك”.

 Micro Solar Dome (MSD) lighting up faces with smiles. Image credit: NBIRT. Used with permission. Image credit: NBIRT. Used with permission.

جهاز قبة شمسية صغيرة ينير وجوهًا مُبتسمة. صورة لـ “إن. بي. إي آر. تي” بترخيص.

يوضّح “شودوري” أنّ القبة الشّمسية الصّغيرة هي الجهاز الشّمسي الأوّل المُختلط للإضاءة في العالم. تستعمل مزيج من الطاقة السلبية (ضوء الشّمس المباشر) والطّاقة الإيجابية (الطّاقة الشّمسية المُتحوّلة إلى كهرباء). كلّ وحدة من النّظام تقلّل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بـ 28 كغ في الشّهر.

كوّن “إن. بي. المؤسسة الريفية للتّكنولوجيا” (NBIRT) السّكان المحليين في مجال استعمال وصيانة هذه الوحدات. وحسب الأستاذ المكوّن “تانماي يسنغا ماهاباترا” (Tanmay Singha Mahapatra)، فقد قاموا بتعليم كيف يتمّ وضع الوحدات وتقديم حلول لشباب المنطقة عند حدوث عطل خفيف، وهذا بمساعدة خبراء محليين ومنظمات غير ربحية.

يقول “ماهاباترا” إنّ صيانة أجهزة قبة الطّاقة الشّمسية هي خفيفة، فهي لا تحتاج إلاّ التّنظيف بانتظام القبب والألواح الكهروضوئية. على هذا المنوال يمكن أن تدوم البطارية حوالي 18 شهرًا أمّا الألواح الكهروضوئية فهي تدوم 25 سنة.

في الوقت ذاته، نجد بعض المنظمات، مثل “المجلس الدّولي للابتكار الشّمسي” (InSIC)، تعمل على وضع تحديثات في جهاز قبة الطّاقة الشّمسية؛ ففي مشروع محلي أُطلق عليه اسم “شوريا رادوني” “Shaurya Radhuni” (المطبخ الشّمسي)، تصل طاقة البطارية إلى 7 أمبير في السّاعة ويكون الجهاز مُتصل بمستخرج.

يندمج هذا النّظام مع مطبخ اقتصادي بدون دخان. قال “ريشيك غوش تاكور” (Richik Ghosh Thakur)، عضو في “المجلس الدّولي للابتكار الشّمسي” في حوار عبر الهاتف: “إنّ مهمة طاقة القبة الشّمسية عدا إضاءة المكان، فهي تشغلّ كذلك المستخرج، وهذا يجعل وظيفة الطبخ تكون أكثر سرعة ونظافة”.

تمّت هذه الحوارات عبر الهاتف والبريد الالكتروني وفي الميدان خلال أعمال البحث في شهر مايو/أيار 2022.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.