البرازيل: مشروع استخراج النفط يثير قلق صيادي الأسماك في الأمازون

في مدينة أويابوكي، أقصى شمال البرازيل، يعتمد معظم السكان على الصيد التقليدي لتحصيل الدخل. الصورة: ويلي ميراندا/وكالة اجينسيا بوبليكا.

هذا المقال، كتبه ريان بنها، هو حصيلة برنامج المِنَح الصغيرة للنفط والتغيُّر المناخي، الذي تديره اجينسيا بوبليك، وكالة برازيلية للصحافة الاستقصائية المستقلة، بالشراكة مع الصندوق العالمي للطبيعة في البرازيل. نُشر هذا المقال في الاصل على موقع اجينسيا بوبليك في 21 يونيو/حزيران 2023، وأُعيد نشره، مُحررًا، على جلوبال فويسز بموجب اتفاقية مشاركة المحتوى.

وصل خوليو تيشيرا لولاية أمابا الشمالية في سن الثانية عشرة، على قارب صيد من سالفاتيرا، تبعد نحو 1150 كيلومتر، حيث كان يعمل منذ أن كان في الثامنة من عمره. هناك، انضم لسكان قرية الصيد تابيريبا، الكائنة في متنزه كابو أورانج الوطني، في رحلة بحرية مدتها 18 ساعة من أقرب مدينة، أويابوكي.

يستذكر تيشيرا، “لم يكن هناك سوى صيادو الأسماك، والركائز الخشبية، والجسور، لم يكن هنالك وجود لأرض جافة. هناك نشأت وكنت أعمل بالفعل”. في الوقت الحاضر، يترأس تيشيرا مستوطنة صيادي الأسماك في أويابوكي، مدينة على حدود البرازيل وغويانا الفرنسية.

يقول تيشيرا أن شركة بتروبراس، التي تملكها الحكومة، كانت تُجرِ دراسات لاستخراج النفط في المنطقة لما يزيد عن 4 قرون. تؤكد البيانات الصادرة عن الهيئة الوطنية للنفط، والغاز الطبيعي، والوقود الحيوي على: تواجد الشركة في مصب نهر الأمازون لإجراء دراسات استقصائية جيوفيزيائية.

في أغسطس/آب 2021، قدمت بتروبراس طلبًا للحصول على رخصة من المعهد البرازيلي للبيئة والموارد الطبيعية المتجددة للبحث عن النفط في مصب نهر الأمازون، بالرغم من رفض الهيئة مسبقًا لطلبات صاحبة الرخصة السابقة، شركة توتال إنرجيز الفرنسية. تقع المنطقة على بعد 175 كيلومتر عن ساحل أمابا، على الطرف الاستوائي، منطقة ساحلية تمتد من أويابوكي إلى ولاية ريو غراندي دو نورتي الشمالية الشرقية، يُنظر إليها على أنها حقل تنقيب النفط الجديد في البرازيل.

في مايو/أيار الماضي، رفض المعهد البرازيلي للبيئة والموارد الطبيعية المتجددة منح بتروبراس الرخصة، مشيرًا إلى، بين أمور أخرى، عدم تقديم الشركة ضمانات لحماية الحيوانات المحلية في حال وقوع حوادث. لكن قالت الشركة الحكومية أنها “استوفت كافة المتطلبات بشكل كامل” واستأنفت القرار.

دفع الجدل حول الاستخراج في مصب نهر الأمازون السياسيين لاتخاذ موقف، وأدى لانقسام في حكومة لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، تسبب بوجه خاص في إثارة خلافات بين وزارة التعدين والطاقة ووزارة البيئة.

قضية “النفط”

تُخيّم قضية النفط على سكان أمابا أيضًا. وفقًا لمعهد البحوث العلمية والتقنية في الولاية، ثمة ما لا يقل عن 7 آلاف صياد محلي هناك، الرقم الذي قد يكون أقل من الرقم الفعلي.

عند التجول في أويابوكي، مدينة يبلغ عدد سكانها 28500، يمكنك سماع أحاديث عن خطط بتروبراس. كما هو الحال في معظم المجتمعات في الأمازون حيث تحدث مثل هذه المشاريع الضخمة، يستمر الخوف من الأضرار في ملاحقة حياة السكان المحليين.

كانت كلوديا باربوسا، التي تكسب قوت يومها من بيع السلطعون الذي تصطاده مع زوجها، قلقة بشأن سبل عيش العاملون مثلها. قالت، “إن حدث تسرب نفطي، كيف لنا أن ننجو؟ يولد الكثيرون فعلًا للعمل في الصيد. لا توجد وظائف هنا. ماذا عن أولئك الذين لا يعرفون كيفية العيش سوى بأداء هذا العمل فقط؟ كيف سيدعمون أسرهم؟”.

وفقًا لتيشيرا، يُنفق صياد الأسماك على الأقل 6 آلاف ريال (نحو 1200 دولار أمريكي) للذهاب إلى الصيد، ما يساهم في تحريك الاقتصاد المحلي. يقول، “لا يقتصر الأمر على بيع الأسماك. إذ أنك تشتري الوقود، والثلج، وتدفع مبلغ مقدمًا للصياد – لن يذهب الصيادين للصيد ما لم تدفع مقدمًا 300، أو 400، أو 500 ريال لكل منهم. عليك شراء الطعام، والمواد. تأخذ بعض القوارب مواد تصل قيمتها إلى 20 ألف ريال لقضاء 20 يوم [في الصيد]”.

كما تخلق سلسلة الإنتاج، معظمها على المستوى العائلي والحرفي، فرصًا للعمل، ما يجعل صيد الأسماك والوظائف المرتبطة به بديلًا للعديد ممن يتوقفون عن العمل في أعمال التعدين وقطع الأشجار غير القانونية في المنطقة.

الضغط السياسي

أمابا هي أكثر ولايات البرازيل خضوعًا للحماية، مع امتلاكها أكبر غطاء حرجي سليم، وأشجار المانغروف، والحقول، والمروج، والسهول العشبية، وغابات الأراضي الصلبة، وغابات السهول الفيضية، وغابات إيغابو. رغم أهميتها الاجتماعية-البيئية الكبيرة، تتعرض الولاية لضغوط مستمرة من جانب الطبقات السياسية والتجارية لاستغلال الموارد الطبيعية.

يقول صيادو القرية، الذين قابلتهم اجينسيا بوبليكا، أنهم يشعرون بعدم اهتمام الحكومة والسلطات العامة، عمومًا، بالآثار المترتبة عن استخراج النفط على المنطقة.

يقول تيشيرا، “إنهم يعيشون في حكاية خيالية، تشغل العوائد جُلَّ تفكيرهم”.

العوائد هي تعويضات مالية تدفعها شركات النفط والغاز الطبيعي للحكومة الفيدرالية، والولايات، والبلديات لاستخدام الموارد غير المتجددة.

يعد الرئيس الحالي للحكومة في مجلس الشيوخ، راندولف رودريغيز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أمابا، أحد أولئك الذين يؤيدون البحث في إمكانية استخراج النفط في الولاية. أدت القضية لمغادرته حزب شبكة الاستدامة، الذي تنتمي له وزيرة البيئة، مارينا سيلفا.

يدعي رودريغز أن الجدال الدائر الآن يتعلق بأعمال الحفر الاستكشافية فقط. قال من خلال ممثليه الصحفيين، “يجب أن يكون لسكان أمابا الحق في معرفة ما إذا كان هناك نفط [على ساحل الولاية] أم لا”.

يجادل عضو مجلس الشيوخ بأنه إذا اختارت الحكومة الفيدرالية عدم الاستخراج، يجب أن تحصل ولاية أمابا على تعويض.

كانت جانينا كالادو، باحثة في مركز التنمية الإقليمية المستدامة لجامعة ولاية أمابا، تعمل منذ 2018 لفهم آراء السكان عن استخراج النفط والشعاب المرجانية للأمازون. بالنسبة لها، تكمن المشكلة في عدم وجود استفتاء شعبي واسع النطاق، ولم تُقدَّم دراسة واقعية للأثر البيئي للتأكد من تأثير المشروع.

تقول كالادو، “تتمثل مشكلتنا الرئيسية هنا بمصب نهر الأمازون في نقص المعرفة الأساسية حول هذه المنطقة. إن نُفِذَّ، وخُطِطَ لها بشكل جيد، وبمشاركة شعبية واسعة، يُمكن للمبادرة أن تعود فعلًا بفوائد اقتصادية للدولة”.

مع ذلك، تشير الباحثة إلى أن التأثير الاقتصادي سينشأ عن العوائد دون توقع توفر وظائف متصلة مباشرة بالسكان المحليين.

في مايو/أيار، عقد المجلس التشريعي لولاية أمابا جلسة استماع عامة في أويابوكي لمناقشة مسألة استخراج النفط مع المجتمع المحلي. مع ذلك، وفقًا للصيادين الذين قابلتهم اجينسيا بوبليكا كانت الجلسة مجرد “مسرح سياسي” ولم يُسمح لهم بالحديث. كما انتقدت المجتمعات التقليدية والأصلية الجلسة لضعف الترويج عنها وأعربوا عن أسفهم لعدم دعوتهم لحضور الجلسة في وقت مناسب.

في حوار مع الصحفيين خلال زيارة رسمية لليابان في مايو/أيار، قال الرئيس لولا أنه سيُعارض أي نية لاستخراج النفط في مصب نهر الأمازون إن وجدت خطورة على البيئة.

في رسالة نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت شبكة السكان الأصليين ومنظمات أمابا وبارا الشمالية أنهم يعارضون قرار استخراج النفط في مصب نهر الأمازون الذي لا يُقيّم الآثار المترتبة أو يشمل تشاور مسبق مع السكان الأصليين، وهم يدعمون قرار المعهد البرازيلي للبيئة والموارد الطبيعية المتجددة في رفض رخصة بتروبراس.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.