هددت الحكومة الهندية في العشرين من شهر تموز/ يوليو بمعاقبة تطبيق واتسآب لعدم قدرته على التحكم في الأخبار المزيفة. ويأتي ذلك بعد قيام عصابات الغوغاء بما يزيد عن عشرين إعدام غير قانوني كنتيجة للشائعات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد أصدرت وزارة الإعلام وتقنية المعلومات الهندية بيانًا رسميًا تصف فيه تطبيق واتسآب المملوك من قبل فيسبوك “كمحرض” لهذه الجرائم. في حين وبخّ وزير الإعلام وتقنية المعلومات رافي شانكار براساد تطبيق واتسآب وقال لصحيفة إخبارية يومية، “لا يمكنهم التهرب من تحمل المسؤولية والمساءلة لهذه الرسائل، ولا سيما تلك التي تؤدي إلى جرائم القتل.”
ربما تكون هذه هي الخطوة الأولى نحو اتخاذ الحكومة الهندية إجراءًا قانونيًا ضد الشركة الشهيرة. لكن هل سيساعد اتخاذ إجراء قانوني ضد فيسبوك بوضع نهاية لجرائم القتل؟
يقول العديد من الهنود أن اقتران الأحزاب السياسية والتلاعب السياسي مع التقنية كتطبيق واتسآب هما المصدر الحقيقي للمشكلة. أوجز سفيان صادق القوى المحركة عبر فيسبوك بقوله:
WhatsApp is a big black hole of fake news in India that's used by the mischief mongering right-wing groups more often associated with BJP that ends up in someone's killing carried out by a lynch mob. This app is still evolving as a principal KillerApp in India…
يعتبر تطبيق واتسآب مركزًا للأخبار المزيفة في الهند، وهذا ما تم استغلاله من قبل الجماعات اليمينية المعادية المقترنة في أكثر الأحيان مع حزب بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي BJP)، وغالبًا ما تكون النتيجة قتل شخص ما من قبل عصابات الغوغاء. لا يزال هذا التطبيق ينمو ويتطور باعتباره التطبيق القاتل الرئيسي في الهند”.
حتى الآن، تمثل رد تطبيق واتسآب على الانتقادات بشراء صفحة كاملة للإعلانات في الصحف الهندية يقدم فيها للقراء وسائل لكشف الأخبار المزيفة. فرضت المنصة أيضًا قيودًا جديدة على إعادة إرسال الرسائل النصية، وأدخلت علامة مميزة للرسائل النصية التي يتم إعادة إرسالها في جهد واضح للإشارة إلى المستخدمين بأن الرسالة النصية ربما لم يتم كتابتها من قبل المُرسِل نفسه.
وقد ثمّن بعض الهنود تلك الإجراءات المتعلقة بإعادة الإرسال، بينما يعتقد آخرون أنه يمكن لتطبيق واتسآب القيام بما هو أكثر من ذلك. لكن يتساءل العديد عن تنصل الحكومة من تحمل المزيد من المسؤولية بشأن جرائم عصابات الغوغاء والتي تمثلُ تهديدًا جديًا لسلامة عامة الشعب.
India's WhatsApp lynch mob crisis
Lynch mobs formed on social media have claimed the lives of at least 34 people in India since 2014. Here are cases documented thus far in July 2018:
July 1: A spate of doctored videos spread on WhatsApp led to the mob lynching of five men in Maharashtra state, who were wrongly targeted for being kidnappers. The lynch mob subsequently threatened to set fire to police officers in an effort to confirm the victims’ deaths.
July 2: Four men were attacked in Maharashtra's Malegaon district as rumors spread about a child abducting nexus. A timely intervention from officials saved their lives.
July 8: Nilotpal Das and Abhijeet Nath were lynched by a mob in Northeast India's Assam on June 8, 2018, over viral rumors spread via Facebook, WhatsApp and eventually word-of-the-mouth.
July 13: A mob of 200 attacked five friends, wrongly believing they were child kidnappers, in the southern state of Karnataka. The mob killed Mohammad Azam, a UK-educated IT professional and seriously injured two others. The mob also attacked police officials who sought to intervene.
July 21: Rakbar Khan, who was wrongly suspected of illegally transporting cows, was killed by a mob in Rajasthan that beat him with sticks.
July 25: Four men were assaulted by a mob in India's most populous state, Uttar Pradesh for ferrying a bovine carcass. Police intervention spared their lives.
It is difficult to determine precisely how many people have been victims of mob violence. A Wikipedia chronicle of WhatsApp-related mob violence produces 56 results on this page. Independent data journalism website IndiaSpend claims that there have been 89 incidents of lynching since 2014, affecting 290 victims and killing 34. Minority Muslims, who account for 14 percent of India's population, have been the victims of 56 percent of these crimes.
كارثة حالات الإعدام غير القانوني من قبل عصابات الغوغاء في الهند المتعلقة بتطبيق واتسآب
أودت حالات الإعدام غير القانوني لعصابات الغوغاء التي تشكلت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحياة 34 شخصًا على الأقل في الهند منذ عام 2014. إليكم الحالات الموثقة حتى الآن من شهر تموز/يوليو 2018:
1 تموز/يوليو: أدت سلسلة من أشرطة الفيديوهات المُفبركة المنتشرة عبر تطبيق واتسآب إلى إعدام خمسة رجال في ولاية ماهاراشترا من قبل الغوغاء، والذين تم استهدافهم بناءً على ظن خاطئ بكونهم الخاطفين. هددت عصابات الغوغاء لاحقًا بإشعال النار في ضباط الشرطة إن لم يسمحوا لهم بالتأكد من موت الضحايا.
2 تموز/يوليو: تعرض أربعة رجال للهجوم في مقاطعة ماليجاون ماهاراشترا حيث انتشرت شائعات عن سلسلة من حالات اختطاف الأطفال. وقد أنقذ حياتهم تدخل ضباط مسؤولين في الوقت المناسب.
8 تموز/يوليو: تم إعدام نيلوتيبال داس وأبجيجيت ناث من قبل عصابات الغوغاء في ولاية آسام في الشمال الشرقي للهند في الثامن من تموز/يوليو 2018 على خلفية انتشار سريع للشائعات عبر الفيسبوك وتطبيق واتسآب ومن ثم الثرثرة الشفوية.
13 تموز/يوليو: هاجمت عصابة رعاع مكونة من 200 شخصًا خمسة أصدقاء على خلفية اعتقادهم الخاطىء بأنهم من خاطفي الأطفال في ولاية كارناتاكا الجنوبية. قتلت عصابة الغوغاء محمد عزام، المتخصص في تقنية المعلومات والذي تلقى تعليمة في بريطانيا، وأصابت اثنين آخرين بجروح خطيرة. كما هاجمت عصابة الرعاع ضباط شرطة ممن سعوا للتدخل.
21 تموز/يوليو: قتلت عصابة الغوغاء راكبار خان بضربه بالعصي في منطقة راجستان، وكان قد اشتبه به ظلمًا في نقل البقر بطريقة غير مشروعة.
25 تموز/يوليو: تعرض أربعة رجال للاعتداء من قبل الغوغاء في ولاية أتار براديش، الولاية الهندية الأكبر من حيث عدد السكان، وذلك بسبب نقلهم جثة بقرة بواسطة مركب بحري. أنقذ تدخل رجال الشرطة حياتهم.
من الصعب تحديد عدد ضحايا عنف الغوغاء بدقة. تقدم صفحة تسجيل الأحداث التابعة لويكبيديا 56 نتيجة على صفحتها بشأن عنف الغوغاء المتعلق بتطبيق واتسآب. في حين يخبر موقع البيانات الصحفية المستقل IndiaSpend بأن هناك 89 حادثًا للقتل منذ عام 2014، أصاب 290 ضحية وقتل 34 آخرين. تبلغ نسبة ضحايا الأقلية المسلمة – التي تمثلُ 14% من عدد السكان – 56% من هذه الجرائم.
ما الذي أدى إلى أزمة السلامة العامة هذه؟ يكمنُ السبب في أكثر من مجرد تطبيق واتسآب
لقد تزامن وصول حزب بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي BJP) للحكم في الهند عام 2014، والذي يمارس نوعًا فريدًا من القومية الهندوسية المتشددة، مع زيادة ظاهرة الإسلاموفوبيا بالإضافة إلى اقتراح سلسلة من القوانين (ووصول بعضها لحيز التطبيق) التي تحظرُ أو تحدُ من استهلاك لحم البقر لأن البقرة هي حيوان مقدس في التقاليد الهندوسية.
شهدت ولايتي راجستان ونيودلهي مقتل محمد أخلاق البالغ من العمر 50 عامًا، والذي قتل على خلفية شرائه لحوم الأبقار، تبعه مقتل كل من عمر محمد وراكبار خان ومُنتِج الألبان بيهلو خان، وجميعها حوادث وثقتها جلوبال فويسز. وقد ارتكبت بعض هذه الحوادث على الرغم من حصول الضحايا على التصاريح اللازمة.
وكسابقاتها، يبدو بأن هذه الجرائم قد أشعلتها حملات المعلومات المضللة عبر الإنترنت، والتي تحمل غالبًا سمة النزعة القوية لظاهرة الإسلاموفوبيا، ويبدو بأنها أتت من مصادر مختلفة بما فيها خلايا معلومات تقنية حظرتها الدولة.
وقد أجرى المدون الهندي دهاروف راثي مقابلةً مع عضو سابق في خلية تقنية المعلومات التابعة لحزب بهاراتيا جاناتا اليميني المتطرف. وقد تحدث العضو عن استخدام صفحات عدة عبر فيسبوك ومجموعات عديدة عبر واتسآب لنشر الأخبار المزيفة والحملات المضللة لكسب النفوذ الانتخابي:
كتب أنديتي تاندون لصحيفة The Tribune الهندية معتبرًا الغوغاء القاتلة “أداة سياسية” وقال أن قوى الشرطة أصبحت “جزءًا لا يتجزأ” من هذه الاعتداءات.
The violence we have seen over the past four years follows a trend. Mob lynching is a political tool being used to polarise society. Law enforcement has also become part and parcel of the attacks. Police officers who act fairly are transferred. The idea is to create a fear psychosis by unleashing the mobs on a certain community.
يتبع العنف الذي شهدناه على مدى السنوات الأربع الماضية توجهًا واضحًا. جرائم الغوغاء ما هي إلا أداة سياسية تم استغلالها لتفريق المجتمع. وأصبحت قوى تطبيق القانون جزءًا لا يتجزأ من الاعتداءات. حيث يتم نقل ضباط الشرطة الذين يتعاملون مع الموضوع على نحوٍ عادل. فالفكرة هي إحداث نوع من الخوف النفسي عن طريق إطلاق العنان للغوغاء على مجتمع محلي معين.
توجد جهود متواصلة للتصدي لهذه الحملات عن طريق كشف زيف الفيديوهات المضللة أو المفبركة. على مدى سنوات، تقوم مواقع كشف الحقيقة مثل AltNews وSMHoaxSlayer وBoom بالتحقق من الأخبار المزيفة لخلق الوعي لدى الناس. وجد موقع Boom أن أحد الفيديوهات التي تسببت في مقتل خمسة رجال في منطقة دهولي من ولاية ماهاراشترا كان من سوريا، حيث تم استخدام فيديو لأطفال ممن قتلوا في هجوم غاز الأعصاب قبل خمس سنوات لنشر الذعر الفائق بين الجماهير. وفي حين تعتبر جهودهم حاسمة، إلا أن حجم المشكلة يفوق قدراتهم.
يقول العديد من الهنود أنه يتوجب على الحكومة ووكالات تطبيق القانون تحمل مسؤولية أكبر بشأن هذه الأزمة. لكن ربما يكون تدبير وتنظيم ذلك صعبًا لا سيما بوجود حزب بهاراتيا جاناتا في الحكم.
في مقالٍ رأي نشر في صحيفة Bloomberg، يشير كاتب الأعمال التجارية ميهير شارما إلى أن جرائم الغوغاء في الهند ليست جديدة. ويرى بأنه على الرغم من مساهمة تطبيق واتسآب في المشكلة، إلا أنه ليس المصدر. ويشير بدلًا من ذلك إلى قلة عدد رجال الشرطة وعجز الإرادة السياسية:
It’s particularly odd that the government is demanding “accountability and responsibility” from a phone app when some ruling party politicians are busy spreading divisive fake news. How can the government ask WhatsApp to control mobs when those convicted of lynching Muslims have been greeted, garlanded and fed sweets by some of the most progressive and cosmopolitan members of Modi’s council of ministers?
إنه لغريب على الحكومة خاصةً أن تطالب “بالمساءلة والمسؤولية” من تطبيقٍ على جهاز الهاتف، بينما ينشغل بعض السياسيين من الحزب الحاكم في نشر الأخبار المزيفة المسببة للانقسامات. كيف يمكن للحكومة أن تطالب تطبيق واتسآب بالسيطرة على عصابات الغوغاء في حين تمت تحية واستقبال أولئك الذين أدينوا بقتل المسلمين بالورود والحلوى من قبل بعضٍ من أكثر الأعضاء تقدمية وانفتاحًا من مجلس وزراء حكومة مودي.
المحكمة العليا تعطي رأيها
تحدثت المحكمة العليا الهندية كإحدى المؤسسات الحكومية حول هذه القضية، وأوصت الحكومة مؤخرًا بسن قوانين جديدة لمنع حالات الإعدام دون محاكمة وعنف الغوغاء. وطالبت هيئة المحكمة العليا برئاسة القاضي ديباك ميشرا البرلمان الهندي بالتعامل مع حالات الإعدام غير القانونية باعتبارها جرائم استثنائية ومنفصلة بحيث “لا يمكنُ السماح للنمط المتكرر من العنف أن يصبح الوضع الطبيعي الجديد” وقال:
A special law in this field would instill a sense of fear of law amongst the people who involve themselves in such kinds of activities. There can be no trace of doubt that fear of law and veneration for the command of law constitute the foundation of a civilized society.
إن وضع قانون خاص بهذه التصرفات سيغرس شعورًا من الخوف من القانون بين الأشخاص الذين يورطون أنفسهم في مثل هذه الأنواع من الأنشطة. ولا يمكن أن يكون هناك أي مجال للشك بأن الخوف من القانون وتوقير السيادة القانونية يشكلان أساس المجتمع المتحضر.
وبتاريخ 23 تموز/يوليو 2018، شكلت الحكومة الهندية هيئتين من الخبراء لفهم الحاجة إلى القانون الجديد لمنع حالات الإعدام غير القانونية. وسيسلمُ التقرير إلى رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي يقود ذات الحكومة التي شجعت على ثقافة التعصب هذه.
في حين يتوجب على مارك زوكربيرغ وغيره من مؤســسي المنصات التقنية تجربة وسائل جديدة لضبط الأخبار المزيفة وبث الشائعات عبر منصاتهم، تحتاجُ الحكومة الهندية للقيام بما هو أكثر لحفظ السلامة العامة لكل الهنود. سينقذ التأكد من عدالة معاقبة الغوغاء وتطبيق القانون حياة العديد من الأقليات بما فيهم المسلمين والداليت والمجموعات القبلية.